﴿وَمَا كَانُوا منظرين (٢٩) وَلَقَد نجينا بني إِسْرَائِيل من الْعَذَاب المهين (٣٠) من فِرْعَوْن إِنَّه كَانَ عَالِيا من المسرفين (٣١) وَلَقَد اخترناهم على علم على الْعَالمين (٣٢) وآتيناهم من الْآيَات مَا فِيهِ بلَاء مُبين (٣٣) إِن هَؤُلَاءِ ليقولون (٣٤) إِن هِيَ إِلَّا موتتنا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد نجينا بني إِسْرَائِيل من الْعَذَاب المهين﴾ فِي التَّفْسِير: أَن فِرْعَوْن كَانَ يستحقر بني إِسْرَائِيل ويستذلهم، وَكَانَ لإسرائيل وَأَوْلَاده قدر عَظِيم عِنْد الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿من فِرْعَوْن إِنَّه كَانَ عَالِيا من المسرفين﴾ أَي: جبارا متكبرا من الْمُشْركين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد اخترناهم على علم على الْعَالمين﴾ مَعْنَاهُ: اخترناهم على علم منا بهم، وَقَوله: ﴿على الْعَالمين﴾ أَي: على عالمي زمانهم، وَيُقَال: على جَمِيع الْعَالمين؛ لِأَنَّهُ خصهم بِكَثْرَة الْأَنْبِيَاء مِنْهُم، فَلهم الْفضل على جَمِيع الْعَالمين بِهَذَا الْمَعْنى، وَالْمَعْرُوف هُوَ الأول.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وآتيناهم من الْآيَات مَا فِيهِ بلَاء مُبين﴾ الْآيَات مثل: فلق الْبَحْر وإنحراق فِرْعَوْن، وإنجاء مُوسَى وَمن مَعَه، وإنزال الْمَنّ والسلوى، إِلَى غير ذَلِك من الْآيَات، وَقَوله: ﴿مَا فِيهِ بلَاء مُبين﴾ أَي: نعْمَة حَسَنَة، تَقول الْعَرَب: لفُلَان عِنْدِي بلَاء حسن أَي: نعْمَة حَسَنَة، وَفِي الْقِصَّة: أَن فِرْعَوْن كَانَ يسْتَعْمل الأقوياء من بني إِسْرَائِيل فِي الْعَمَل حَتَّى دبرت صُدُورهمْ وظهورهم من نقل الْحِجَارَة، ويذبح الْأَبْنَاء، ويستحي النِّسَاء، ويستعلمهن فِي الْغَزل والنسيج، وَمَا أشبه ذَلِك، وَكَانَ قد ضرب على ضعفاء بني إِسْرَائِيل على كل وَاحِد مِنْهُم ضريبة فيؤديها كل يَوْم، وَكَانَ القبطي يَأْتِي إِلَى الإسرائيلي فيسخره فِيمَا شَاءَ من الْعَمَل، فَإِذا كَانَ الظّهْر خلاه، وَقَالَ: اذْهَبْ واكتسب مَا تَأْكُله، وَلَا يُعْطِيهِ شَيْئا يَأْكُلهُ؛ فنجاهم الله تَعَالَى من هَذِه البلايا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿إِن هَؤُلَاءِ ليقولون﴾ يَعْنِي: مُشْركي مَكَّة.
وَقَوله: ﴿إِن هِيَ إِلَّا موتتنا الأولى﴾ مَعْنَاهُ: أَنا نموت مرّة وَلَا نبعث بعد ذَلِك.
وَقَوله: ﴿وَمَا نَحن بمنشزين﴾ أَي: بمبعوثين، قَالَ الشَّاعِر:


الصفحة التالية
Icon