﴿ليجزي قوما بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) من عمل صَالحا فلنفسه وَمن أَسَاءَ فعلَيْهَا ثمَّ إِلَى ربكُم ترجعون (١٥) وَلَقَد آتَيْنَا بني إِسْرَائِيل الْكتاب وَالْحكم والنبوة ورزقناهم من الطَّيِّبَات وفضلناهم على الْعَالمين (١٦) وآتيناهم بَيِّنَات من الْأَمر﴾ مَوْلَاهُ، فَغَضب عبد الله بن أبي لما سمع ذَلِك، وَقَالَ: مَا مثلنَا وَمثل مُحَمَّد إِلَّا كَمَا قيل: سمن كلبك يَأْكُلك. ثمَّ قَالَ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل، فَبلغ ذَلِك عمر فجَاء بِالسَّيْفِ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ ليضْرب بِهِ عبد الله بن أبي، وَاسْتَأْذَنَ النَّبِي فِي ذَلِك، فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿قل للَّذين آمنُوا يغفروا للَّذين لَا يرجون أَيَّام الله﴾ وَهَذَا على القَوْل الَّذِي قُلْنَا إِن الْآيَة نزلت بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَ بَعضهم: شتم رجل من الْكفَّار عمر بِمَكَّة فهم أَن يبطش بِهِ؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَقَوله: ﴿للَّذين لَا يرجون أَيَّام الله﴾ أَي: لَا يسْأَلُون الله نعمه، وَالْمعْنَى: أَنهم لَا يعترفون بِأَن النعم من عِنْد الله، وَقيل: لَا يرجون أَيَّام الله أَي: لَا يخَافُونَ عقوبات الله ونقمه. وَقيل: لَا يطْعمُون فِي ثَوَاب، وَلَا يخَافُونَ من عُقُوبَة.
وَقَوله: ﴿ليجزي قوما بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة، وَيُقَال: ليَكُون الله تَعَالَى هُوَ الْمجَازِي والمنتقم مِنْهُم لَا أَنْتُم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿من عمل صَالحا فلنفسه﴾ أَي: نفع ذَلِك يعود إِلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿وَمن أَسَاءَ فعلَيْهَا﴾ أَي: وبال ذَلِك عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِلَى ربكُم ترجعون﴾ أَي: تردون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد آتَيْنَا بني إِسْرَائِيل الْكتاب﴾ أَي: التَّوْرَاة.
وَقَوله: ﴿وَالْحكم والنبوة﴾ أَي: الْعلم والنبوة.
وَقَوله: ﴿ورزقناهم من الطَّيِّبَات﴾ أَي: الْحَلَال، وَهِي الْمَنّ والسلوى وَغير ذَلِك.
وَقَوله: ﴿وفضلناهم على الْعَالمين﴾ أَي: على عالمي زمانهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وآتيناهم بَيِّنَات من الْأَمر﴾ أَي: دلالات واضحات، وَيُقَال: بَيِّنَات