﴿الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات أَن نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَوَاء محياهم ومماتهم سَاءَ مَا يحكمون (٢١) وَخلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ ولتجزى كل نفس بِمَا كسبت وهم لَا يظْلمُونَ (٢٢) ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات﴾ أَي: اكتسبوا السَّيِّئَات، والسيئات مَا قبحت شرعا، والحسنات مَا حسنت شرعا.
وَقَوله: ﴿أَن نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾ أَي: فِي دُخُول الْجنَّة، وَمَا يعْطى أهل الْإِيمَان من النَّعيم. وَالظَّاهِر أَن الْآيَة فِي الْكفَّار وَإِن كَانَت عَامَّة.
وَقَوله: ﴿سَوَاء محياهم ومماتهم﴾ وَقُرِئَ: " سَوَاء " بِالنّصب، فَمن قَرَأَ بِالرَّفْع فَمَعْنَاه: أَن الْكَافِر سَوَاء محياه ومماته أَي: يحيا كَافِرًا وَيَمُوت كَافِرًا.
وَفِي الْخَبَر " يَمُوت " الْمَرْء على مَا عَاشَ عَلَيْهِ، وَيبْعَث على مَا مَاتَ عَلَيْهِ ".
وَأما الْقِرَاءَة بِالنّصب فَهُوَ فِي مَوضِع مستو فانتصب لهَذَا، وَيُقَال مَعْنَاهُ: أم حسبوا أَن نجعلهم وَالْمُؤمنِينَ سَوَاء فِي الْمحيا وَالْمَمَات يَعْنِي: أَنهم لَا يستوون.
وَقَوله: ﴿سَاءَ مَا يحكمون﴾ أَي: بئس مَا يحكمون لأَنْفُسِهِمْ. وَفِي التَّفْسِير: أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ للْمُؤْمِنين: إِن دَخَلْتُم الْجنَّة فَنحْن مَعكُمْ، وَإِن دَخَلنَا النَّار فَأنْتم مَعنا.
وَفِي بعض الْآثَار عَن مَسْرُوق بن الأجدع قَالَ: قدمت مَكَّة وَدخلت الْمَسْجِد الْحَرَام فَقيل لي: هَذَا مقَام أَخِيك تَمِيم الدَّارِيّ، جعل يُصَلِّي لَيْلَة إِلَى الصَّباح يرْكَع وَيسْجد ويبكي وَيقْرَأ هَذِه الْآيَة: ﴿أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات﴾ لَا يجاوزها.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَخلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ ولتجزي كل نفس بِمَا كسبت وهم لَا يظْلمُونَ﴾ أَي: لَا ينقص من حُقُوقهم شَيْء.


الصفحة التالية
Icon