﴿أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ وأضله الله على علم على سَمعه وَقَلبه وَجعل على﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ﴾ قَالَ سعيد بن جُبَير: كَانَ الْوَاحِد مِنْهُم يعبد الشَّيْء، فَإِذا رأى شَيْئا أحسن مِنْهُ طرح الأول وَأخذ الثَّانِي فعبده. وَقَالَ قَتَادَة فِي معنى الْآيَة: لَا يهوى شَيْئا إِلَّا رَكبه، فَهُوَ يعبد هَوَاهُ. وَقيل: اتخذ إلهه هَوَاهُ أَي: أطَاع هَوَاهُ وانقاد لَهُ كَمَا ينقاد العَبْد لمعبوده. وَقد ثَبت أَنه قَالَ: " تعس عبد الدِّينَار، تعس عبد الدِّرْهَم، تعس عبد الخميصة ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار أَنه [قَالَ] :" مَا عبد تَحت ظلّ السَّمَاء شَيْء وَهُوَ أبْغض عِنْد الله من هوى ".
وَقَوله: ﴿وأضله الله على علم﴾ أَي: على مَا حكم [لَهُ] فِي علمه السَّابِق، وَهُوَ رد على الْقَدَرِيَّة، وَقد أولُوا هَذَا وَقَالُوا: معنى قَوْله: ﴿وأضله الله﴾ أَي: وجده ضَالًّا، أَو سَمَّاهُ ضَالًّا، وَهُوَ تَأْوِيل بَاطِل؛ لِأَن الْعَرَب لَا تَقول: فعل فلَان كَذَا إِذا وجده كَذَلِك.
وَقَوله: ﴿وَختم على سَمعه﴾ أَي: ختم على سَمعه فَجعله لَا يسمع الْحق.
وَقَوله: ﴿وَقَلبه﴾ أَي: وَختم على قلبه فَجعله لَا يقبل الْحق.


الصفحة التالية
Icon