﴿قَالُوا يَا قَومنَا إِنَّا سمعنَا كتابا أنزل من بعد مُوسَى مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ يهدي إِلَى الْحق وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم (٣٠) يَا قَومنَا أجِيبُوا دَاعِي الله وآمنوا بِهِ يغْفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عَذَاب أَلِيم (٣١) وَمن لَا يجب دَاعِي الله فَلَيْسَ بمعجز فِي الأَرْض وَلَيْسَ﴾ ذكر من بعد مُوسَى وَلم يذكر عِيسَى، وَعِيسَى نَبِي مثل مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام وَقد آتَاهُ الله الْإِنْجِيل أَيْضا وَهُوَ كِتَابه؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: يحْتَمل أَنهم لم يَكُونُوا سمعُوا بِذكر عِيسَى، وَيحْتَمل أَنهم سمعُوا بِذكر مُوسَى وَعِيسَى جَمِيعًا إِلَّا أَنهم ذكرُوا مُوسَى لِأَنَّهُ أقدم؛ وَلِأَنَّهُ عَامَّة مَا فِي الْإِنْجِيل من الْأَحْكَام مُوَافقَة لما فِي التَّوْرَاة إِلَّا فِي أَشْيَاء مَعْدُودَة.
وَقَوله: ﴿مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ﴾ أَي: لما بَين يَدَيْهِ من الْكتب.
وَقَوله: ﴿يهدي إِلَى الْحق وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم﴾ أَي: مستو.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ياقومنا أجِيبُوا دَاعِي الله﴾ أَي: مُحَمَّدًا.
﴿وآمنوا بِهِ﴾ أَي: صدقُوا بِهِ ﴿يغْفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عَذَاب أَلِيم﴾ أَي: النَّار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن لَا يجب دَاعِي الله فَلَيْسَ بمعجز فِي الأَرْض﴾ أَي: لَا يفوت الله وَلَا يسْبقهُ.
وَقَوله: ﴿وَلَيْسَ لَهُ من دونه أَوْلِيَاء﴾ أَي: أنصار [يمنعونهم] من الْعَذَاب.
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ فِي ضلال مُبين﴾ أَي: خطأ بَين، وَفِي الْأَخْبَار: أَن وَفد الْجِنّ ذَهَبُوا وأنذروا قَومهمْ، وعادوا إِلَى النَّبِي بعد مَا أسلم طَائِفَة كَثِيرَة مِنْهُم، وَذهب النَّبِي وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْقُرْآن وعلمهم الْأَحْكَام، وَفِي حمله عبد الله بن مَسْعُود مَعَ نَفسه اخْتِلَاف كثير، فَروِيَ أَنه لما أَرَادَ أَن يذهب إِلَى الْجِنّ قَالَ: " ليقمْ مِنْكُم معي رجل لَيْسَ فِي قلبه مِثْقَال خَرْدَل من كبر، فَقَامَ عبد الله بن مَسْعُود وَحمله مَعَ نَفسه، وَخط لَهُ خطا وَقَالَ لَهُ: إياك أَن تَبْرَح هَذَا الْخط، وَذهب يُخَاطب الْجِنّ، وَكَانَ هَذَا الِاجْتِمَاع بالحجون، وَهُوَ مَوضِع بِأَعْلَى مَكَّة، فَروِيَ انه لما سمع عبد الله بن مَسْعُود


الصفحة التالية
Icon