((٣٣} وَيَوْم يعرض الَّذين كفرُوا على النَّار أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بلَى وربنا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنْتُم تكفرون (٣٤) فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل وَلَا تستعجل لَهُم كَأَنَّهُمْ يَوْم يرَوْنَ مَا يوعدون لم يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة من نَهَار بَلَاغ فَهَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم) أَذَى قومه، وَإِبْرَاهِيم صَبر على النَّار، وَإِسْحَاق صَبر على الذّبْح، وَيَعْقُوب صَبر على فقد الْوَلَد، ويوسف صَبر على السجْن، وَأَيوب صَبر على الضّر. وَقيل: أولُوا الْعَزْم هم: نوح، وَهود، وَإِبْرَاهِيم. وَفِي الْآيَة قَول آخر وَهُوَ مَعْرُوف: أَن جَمِيع الْأَنْبِيَاء هم المُرَاد بِالْآيَةِ، وَلَيْسَت " من " للتَّبْعِيض وَإِنَّمَا للتبيين، وَقَالَ من ذهب إِلَى هَذَا القَوْل: لَيْسَ فِي الْأَنْبِيَاء أحد لَيْسَ لَهُ عزم وَلَا حزم وَلَا رأى وَلَا عقل، بل كَانُوا جَمِيعًا بِهَذِهِ الْأَوْصَاف. وَمِنْهُم من قَالَ: أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل: هم الَّذين أمروا بِالْقِتَالِ ومنابذة الْمُشْركين فَقَاتلُوا ونابذوا، وَفِي بعض المسانيد بِرِوَايَة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي قَالَ لَهَا: " مَالِي وللدنيا يَا عَائِشَة، وَإِنَّمَا أمرت ان أَصْبِر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل، صَبَرُوا على مكروهها، وصبروا على محبوبها أَي: مَكْرُوه الدُّنْيَا ومحبوب الدُّنْيَا وَالله لَأَفْعَلَنَّ كَمَا فعلوا، وأجتهدن حَتَّى أنال رضَا رَبِّي " وَالْخَبَر غَرِيب. وَالْقَوْل الَّذِي ذَكرْنَاهُ أخيرا ذكره الْكَلْبِيّ وَغَيره، وَفِي قَول هَؤُلَاءِ لَيْسَ آدم من أولي الْعَزْم وَلَا يُونُس صلوَات الله عَلَيْهِمَا.
وَقَوله: ﴿وَلَا تستعجل لَهُم﴾ فِي التَّفْسِير: أَن النَّبِي استبطأ عَذَاب الْكفَّار [بعض] الاستبطاء؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: ﴿وَلَا تستعجل لَهُم﴾
وَقَوله: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْم يرَوْنَ مَا يوعدون لم يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة من نَهَار﴾ وَالْيَوْم الَّذِي يوعدون يَوْم الْقِيَامَة، وَقَوله: ﴿بَلَاغ﴾ أَي: هَذَا بَلَاغ، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى الْقُرْآن، وَقَرَأَ (أَبُو) مجلز لَاحق بن حميد " بلغ " على وَجه الْأَمر.