﴿أَعْمَالهم (٤) سيهديهم وَيصْلح بالهم (٥) ويدخلهم الْجنَّة عرفهَا لَهُم (٦) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تنصرُوا الله ينصركم وَيثبت أقدامكم (٧) وَالَّذين كفرُوا فتعسا﴾
وَقَوله: ﴿فَلَنْ يضل أَعْمَالهم﴾ أَي: يثيبهم على أَعْمَالهم.
وَقَوله: ﴿سيهديهم وَيصْلح بالهم﴾ أَي: حَالهم.
وَقَوله: ﴿ويدخلهم الْجنَّة عرفهَا لَهُم﴾ القَوْل الْمَشْهُور أَن مَعْنَاهُ: عرفهم مَنَازِلهمْ، وَمعنى قَوْله: ﴿عرفهَا لَهُم﴾ أَي: بَينا لَهُم، فيكونون أهْدى إِلَى مَنَازِلهمْ من الْقَوْم يعودون من الْجُمُعَة إِلَى دُورهمْ. قَالَ سَلمَة بن كهيل: عرفهم (طرق) مَنَازِلهمْ فِي الْجنَّة. وَيُقَال: عرفهَا لَهُم أَي: طيبها لَهُم. وَقيل: عرفهَا لَهُم أَي: رَفعهَا لَهُم، وَالْعرْف: هُوَ الرّيح. وَفِي الْخَبَر " أَن من أعَان على قتل أَخِيه بِشَطْر كلمة لم يجد عرف الْجنَّة، وَأَن رِيحهَا يُوجد من مسيرَة خَمْسمِائَة عَام ". وَهَذَا القَوْل محكي عَن ابْن عَبَّاس. وَعَن مقَاتل أَنه قَالَ: إِذا حشر الْمُؤمن وَأمر بِهِ إِلَى الْجنَّة يقدمهُ الْملك الَّذِي كَانَ يكْتب عمله وَيَطوف بِهِ فِي الْجنَّة، ويريه مَنَازِله حَتَّى إِذا بلغ أقْصَى مَنَازِله وَرَأى جَمِيعهَا انْصَرف الْملك، وَترك الْمُؤمن فِي قصوره يتنعم فِيهَا كَمَا يَشَاء بِمَا شَاءَ.
وَعَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: لَا يحْتَاج الْمُؤمن إِلَى دَلِيل إِلَى قصوره ومنازله، بل يكون عَارِفًا بهَا كَمَا يكون عَالما بمنزله فِي الدُّنْيَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ياأيها الَّذين آمنُوا إِن تنصرُوا الله ينصركم﴾ مَعْنَاهُ: إِن تنصرُوا نَبِي الله أَو دين الله ينصركم. والنصرة من الله: هُوَ الْحِفْظ وَالْهِدَايَة. وَعَن قَتَادَة قَالَ: من ينصر الله ينصره، وَمن يسْأَله يُعْطه، وَيُقَال: ينصركم بتغليبكم على عَدوكُمْ وإعلائكم عَلَيْهِم.
وَقَوله: ﴿وَيثبت أقدامكم﴾ أَي: فِي الْقِتَال. وَيُقَال: يثبت أقدامكم على الصِّرَاط، وَقد حكى هَذَا عَن ابْن عَبَّاس.