﴿الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم من بعد مَا تبين لَهُم الْهدى الشَّيْطَان سَوَّلَ لَهُم وأملى لَهُم (٢٥) ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا للَّذين كَرهُوا مَا نزل الله سنعطيكم فِي بعض الْأَمر وَالله يعلم إسرارهم (٢٦) فَكيف إِذا توفتهم الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم (٢٧) ذَلِك﴾ الْبَيَان الْمُؤَدِّي إِلَى الْحق.
وَقَوله: ﴿الشَّيْطَان سَوَّلَ لَهُم﴾ أَي: زين لَهُم.
وَقَوله: ﴿وأملى لَهُم﴾ أَي: أمهلهم بِالْمدِّ لَهُم فِي الْعُمر، وَهُوَ رَاجع إِلَى الله تَعَالَى وَمَعْنَاهُ: وأملى لَهُم الله تَعَالَى، وَقُرِئَ: " وأملي لَهُم " على مالم يسم فَاعله، وَقُرِئَ فِي الشاذ " وأملي لَهُم " بتسكين الْيَاء، أَي: وَأَنا أملي لَهُم.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا للَّذين كَرهُوا مَا أنزل الله﴾ فِي الْآيَة قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه قَول الْيَهُود لِلْمُنَافِقين، قَالُوا لِلْمُنَافِقين: سنطيعكم فِي بعض الْأَمر أَي: فِي كتمان صفة مُحَمَّد مَعَ علمنَا بِأَنَّهُ رَسُول. وَالْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهر أَنه قَول الْمُنَافِقين للْيَهُود.
وَقَوله: ﴿كَرهُوا مَا أنزل الله﴾ هم الْيَهُود، وَإِنَّمَا كَرهُوا حسدا وبغيا.
وَقَوله: ﴿سنطيعكم فِي بعض الْأَمر﴾ أَي: فِي بغض مُحَمَّد والعداوة مَعَه.
وَقَوله: ﴿وَالله يعلم إسرارهم﴾ أَي: مَا أسر بَعضهم إِلَى بعض، وَهَذَا القَوْل أولى؛ لِأَن الْآيَات الْمُتَقَدّمَة فِي الْمُنَافِقين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَكيف إِذا توفتهم الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم﴾ أَي: يضْربُونَ وُجُوههم عِنْد الْمَوْت بصحائف الْكفْر، وَقيل: فِي الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿وأدبارهم﴾ أَي: يضْربُونَ أدبارهم عِنْد سوقهم إِلَى النَّار، وَهَذَا فِي الْقِيَامَة. وَفِي بعض التفاسير: مامن عَاص يَمُوت إِلَّا وتضرب الْمَلَائِكَة وَجهه وَدبره عِنْد إِدْخَاله الْقَبْر.


الصفحة التالية
Icon