﴿سَبِيل الله فمنكم من يبخل وَمن يبخل فَإِنَّمَا يبخل عَن نَفسه وَالله الْغَنِيّ وَأَنْتُم الْفُقَرَاء وَإِن تنولوا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ ثمَّ لَا يَكُونُوا أمثالكم (٣٨).﴾
(إِنِّي لمشتاق إِلَى ظلّ صَاحب | يرق ويصفو إِن كدرت عَلَيْهِ) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ﴾ أَي: ياهؤلاء ﴿تدعون لتنفقوا فِي سَبِيل الله﴾ أَي: فِي الْجِهَاد.
وَقَوله: ﴿فمنكم من يبخل﴾ أى يمْنَع. وَقَوله ﴿وَمن يبخل فإنماعن نَفسه﴾ أَي: يفوت حَظّ نَفسه.
وَقَوله: ﴿وَالله الْغَنِيّ وَأَنْتُم الْفُقَرَاء﴾ أَي: الْغَنِيّ عَنْكُم، وَأَنْتُم الْفُقَرَاء إِلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ﴾ أَي: إِن تعرضوا.
وَقَوله: ﴿قوما غَيْركُمْ﴾ فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا: مَلَائِكَة السَّمَاء، وَهَذَا أَشد الْأَقْوَال. وَالْقَوْل الثَّانِي: إِن تَتَوَلَّوْا يامعشر قُرَيْش يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ أَي: أهل الْيمن، وَقد كَانَ الْأَنْصَار مِنْهُم، فَإِن الْأَوْس والخزرج حَيَّان من الْيمن، وَقد قَالَ الشَّاعِر:
(وَللَّه أَوْس آخَرُونَ وخزرج... )
وَالْقَوْل الثَّالِث: وَهُوَ الْمَعْرُوف، وَإِن تَتَوَلَّوْا يَا معشر الْعَرَب يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ أَي: الْعَجم. وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف: أَن قوما سَأَلُوا النَّبِي عَن معنى هَذِه الْآيَة وَقَالُوا: من الَّذين يستبدلهم بِنَا؟ وَكَانَ سالما جَالِسا بجنبه فَقَالَ: هَذَا وَقَومه ثمَّ قَالَ: " لَو كَانَ الدّين مُعَلّقا بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رجال من فَارس ".
وَقَوله: ﴿ثمَّ لَا يَكُونُوا أمثالكم﴾ أَي: يَكُونُوا خيرا مِنْكُم وأطوع لي، وَمَعْنَاهُ: لايكونوا أمثالكم فِي مُخَالفَة الْأَوَامِر، وَالله أعلم.