﴿إِن الَّذين يُبَايعُونَك إِنَّمَا يبايعون الله يَد الله فَوق أَيْديهم فَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه وَمن أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله فسيؤتيه أجرا عَظِيما (١٠) سَيَقُولُ لَك الْمُخَلفُونَ﴾
وَقَوله: ﴿وتسبحوه بكرَة وَأَصِيلا﴾ تَنْصَرِف إِلَى الله قولا وَاحِدًا.
وَالتَّسْبِيح بالبكرة وَهُوَ صَلَاة الصُّبْح، وبالأصيل صَلَاة الظّهْر وَالْعصر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين يُبَايعُونَك﴾ هَذَا فِي الْبيعَة يَوْم الْحُدَيْبِيَة. وَقد كَانُوا بَايعُوهُ على أَلا يَفروا، وَفِي رِوَايَة: بَايعُوهُ على الْمَوْت.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا يبايعون الله﴾ أَي: من أَخذ الْعَهْد مِنْك فقد أَخذ الْعَهْد مني، وَمن بَايَعَك فقد بايعني. وَعَن بَعضهم: من دخل فِي الْإِسْلَام فقد بَايع الله، وَهُوَ معنى قَوْله: ﴿إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ﴾ الْآيَة.
وَقَوله: ﴿يَد الله فَوق أَيْديهم﴾ أَي: يَد الله فِي النُّصْرَة والْمنَّة عَلَيْهِم فَوق أَيْديهم بِالطَّاعَةِ لَك. وَيُقَال مَعْنَاهُ: يَد الله فِي الْوَفَاء بقوله ﴿فَوق أَيْديهم﴾ فِي الْوَفَاء بعهدهم وَيُقَال: إِحْسَان الله تَعَالَى إِلَيْهِم فَوق إحسانهم إِلَيْك بالنصرة، ومنة الله عَلَيْهِم فَوق منتهم عَلَيْك فِي قبُول مَا جِئْت بِهِ.
وَقَوله: ﴿فَمن نكث﴾ أَي: من نقض الْعَهْد.
وَقَوله: ﴿فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه﴾ أَي: وبال نقض عَهده عَلَيْهِ. وَيُقَال: إِن الْآيَة نزلت فِي الْجد بن قيس، وَكَانَ من الْمُنَافِقين، فَلَمَّا بَايع رَسُول الله مَعَ أَصْحَابه بيعَة الرضْوَان اخْتَبَأَ تَحت إبط بعير وَلم يُبَايع. وَمعنى النكث: [هُوَ] التّرْك.
وَقَوله: ﴿وَمن أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله فسيؤتيه أجرا عَظِيما﴾ أَي: كثيرا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿سَيَقُولُ لَك الْمُخَلفُونَ من الْأَعْرَاب﴾ نزلت الْآيَة فِي مزينة وجهينة وَأَشْجَع وَأسلم، وَكَانُوا قد تخلفوا عَن رَسُول الله فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة، وَاعْتَذَرُوا


الصفحة التالية
Icon