﴿قُلُوبكُمْ وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا (١٢) وَمن لم يُؤمن بِاللَّه وَرَسُوله فَإنَّا أَعْتَدْنَا للْكَافِرِينَ سعيرا (١٣) وَللَّه ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما (١٤) سَيَقُولُ الْمُخَلفُونَ إِذا انطلقتم إِلَى مَغَانِم لتأخذوها﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿بل ظننتم أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول والمؤمنون إِلَى أَهْليهمْ أبدا﴾ قد بَينا ظنهم ﴿وزين ذَلِك فِي قُلُوبكُمْ﴾ أَي: زينه الشَّيْطَان.
وَقَوله: ﴿وظننتم ظن السوء﴾ قد بَينا مَعْنَاهُ.
وَقَوله: ﴿وكنتم قوما بورا﴾ أَي: هلكى. قَالَ عبد الرَّحْمَن بن زيد بن اسْلَمْ: هُوَ الَّذِي لَا خير فِيهِ. وَيُقَال: إِن فِي لُغَة أَزْد عمان البور: الْفَاسِد، وَيُقَال: رجل بور، ورجلان بوران، وَرِجَال بور، وَيُقَال: أَصبَحت اعمالهم بورا ومساكنهم قبورا. وَقيل: بورا: فَاسِدَة قُلُوبهم، لَا محسنين وَلَا متقين. وَفِي التَّفْسِير: أَنه كَانَ ظنهم أَن مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه يقتلُون فِي ذَلِك الْوَجْه، وَلَا يرجعُونَ أبدا إِلَى الْمَدِينَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن لم يُؤمن بِاللَّه وَرَسُوله فَإنَّا أَعْتَدْنَا للْكَافِرِينَ سعيرا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: السعير هُوَ الطَّبَق السَّادِس من جَهَنَّم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَللَّه ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلفُونَ إِذا انطلقتم إِلَى مَغَانِم لتأخذوها﴾ سَبَب نزُول الْآيَة: هُوَ أَن الله تَعَالَى وعد أهل الْحُدَيْبِيَة غَنَائِم خَيْبَر، وَقد كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب الَّذين تخلفوا عَن رَسُول الله وظنوا ظن السوء طمعوا فِي غَنَائِم خَيْبَر وَكَانَ الله قد جعل غَنَائِم خَيْبَر لأهل الْحُدَيْبِيَة خَاصَّة، فَلَمَّا رَجَعَ النَّبِي وَأَصْحَابه إِلَى الْمَدِينَة، وتوجهوا قبل خَيْبَر جَاءَ هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب، وَاسْتَأْذَنُوا رَسُول الله أَن يَكُونُوا مَعَه فِي هَذِه الْغَزْوَة، وَقَالُوا: ذرونا نتبعكم.
وَقَوله: ﴿يُرِيدُونَ أَن يبدلوا كَلَام الله﴾ يَعْنِي: حكم الله الَّذِي حكم فِي غَنَائِم