﴿هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَكفى بِاللَّه شَهِيدا﴾ مَعْرُوف، وَهُوَ على قَوْله: ﴿إِن شَاءَ الله﴾ مَا معنى قَوْله ﴿إِن شَاءَ الله﴾ وَالله تَعَالَى هُوَ الْمخبر، وَمَا يخبر عَنهُ كَائِن لَا محَالة، وَالِاسْتِثْنَاء إِنَّمَا يدْخل على شَيْء يجوز أَن يكون، وَيجوز أَلا يكون؟ وَالْجَوَاب من وُجُوه: أَحدهَا: أَن معنى قَوْله: ﴿إِن شَاءَ الله﴾ إِذا شَاءَ الله.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن الْآيَة على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، وَمَعْنَاهُ: لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام آمِنين مُحَلِّقِينَ رءوسكم وَمُقَصِّرِينَ لَا تخافون إِن شَاءَ الله.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَنه كَانَ مَعَ النَّبِي قوم عِنْد نزُول هَذِه الْآيَة، مِنْهُم من غَابَ، وَمِنْهُم من مَاتَ قبل أَن يحصل الْمَوْعُود، فالاستثناء إِنَّمَا وَقع على هَذَا أَنه يدْخل بَعضهم أَو جَمِيعهم.
وَالْوَجْه الرَّابِع وَهُوَ الأولى أَن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿إِن شَاءَ الله﴾ هَاهُنَا على مَا أحب وَرَضي وَأمر بِهِ عباده، فَإِنَّهُ أَمرهم أَن يستثنوا فِيمَا يخبرون بِهِ من الْأُمُور الْمُسْتَقْبلَة، ويعدونه على مَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ وَهَذَا أَمر لَهُ وَلِجَمِيعِ الْأمة، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِن شَاءَ الله﴾ وَإِن علم وُقُوع الْفِعْل وَإِن علم وُقُوع الْفِعْل ليقتدي بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَلَا يتركون هَذِه الْكَلِمَة فِيمَا يخبرون بِهِ من الْأُمُور الَّتِي لم يعلمُوا وُقُوعهَا. قَالَ الْأَزْهَرِي: وَكَأَنَّهُ قَالَ: لما قلت إِن شَاءَ الله فِيمَا علمت وُقُوعه، فَلِأَن تَقولُوا إِن شَاءَ الله فِيمَا لم تعلمُوا وُقُوعه أولى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله﴾ أَي: على الْأَدْيَان كلهَا، وَمن الْمَشْهُور أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ينزل من السَّمَاء، وَيكسر الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وَلَا يبْقى يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ إِلَّا أسلم، وَحِينَئِذٍ تضع الْحَرْب أَوزَارهَا، وَيفِيض المَال حَتَّى لَا يقبله أحد.
وَقَوله: ﴿وَكفى بِاللَّه شَهِيدا﴾ أَي: شَاهدا.


الصفحة التالية
Icon