﴿النَّبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل كجهر بَعْضكُم لبَعض﴾ فَوق صَوته، ويدعونه باسمه فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّد، يَا أَبَا الْقَاسِم، وَكَانَ ذَلِك نوع تهاون بِحقِّهِ، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة؛ ليكلموه كَلَام المبجل الْمُعظم لَهُ الدَّال على تَوْفِيَة حَقه فِي الْخطاب.
وَرُوِيَ أَن ثَابت بن قيس بن شماس كَانَ بِهِ صمم، وَكَانَ جهير الصَّوْت، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة جلس فِي بَيته غما. وَيُقَال: سمر بَابه بالحديد، وَقَالَ: أَخَاف أَن يكون قد حَبط عَمَلي، فَدَعَاهُ النَّبِي وَقَالَ: " أما ترْضى أَن تعيش حميدا وَتَمُوت شَهِيدا " قَالَ: نعم. قَالَ: " تكون كَذَلِك " وَاسْتشْهدَ يَوْم الْيَمَامَة.
وَرُوِيَ أَنه قَالَ لَهُ: " أَنْت من أهل الْجنَّة ".
وَعَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة: وَالله لَا أكلم رَسُول الله إِلَّا كأخى السرَار.
وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ بعد نزُول هَذِه الْآيَة لَا يكلم رَسُول الله إِلَّا خَافِضًا صَوته حَتَّى كَانَ يَسْتَفْهِمهُ رَسُول الله مَا يَقُوله.
وَقَوله: ﴿وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل كجهر بَعْضكُم لبَعض﴾ وَهُوَ نهى عَن رفع الصَّوْت فِي حَضرته. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن تناديه باسمه، وَهُوَ أَن تَقول: يَا مُحَمَّد، يَا أَبَا الْقَاسِم، فَنهى الله تَعَالَى عَن ذَلِك، وَأمر ان يدعى باسم النُّبُوَّة والرسالة. وَحكي عَن مَالك بن أنس أَنه قَالَ: من قَالَ إِن رَسُول الله وسخ يُرِيد بِهِ النَّقْص كفر بِاللَّه