﴿عِنْد الله أَتْقَاكُم إِن الله عليم خَبِير (١٣) قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا وَلما يدْخل الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ وَإِن تطيعوا الله وَرَسُوله لَا يلتكم من أَعمالكُم﴾ وَلَا يعرف إِلَّا بِهِ، لَا بَأْس بِهِ. وَكَانَ بعض أَئِمَّة الحَدِيث إِذا رُوِيَ عَن مُسلم البطين يَقُول: حَدثنَا مُسلم، وَأَشَارَ بيدَيْهِ إِلَى كبر الْبَطن.
وَذكر ابْن سِيرِين إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَوضع يَده على عينه وَكَانَ إِبْرَاهِيم أَعور فَقَالَ: رَأَيْته تِلْكَ الْمُشَاهدَة، وَمَا خلف بعده مثله.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا فكرهتموه﴾ أَي: كَمَا يكره أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه وَهُوَ ميت، فَكَذَلِك فليكره أَن يذكرهُ بالسوء وَهُوَ غَائِب، فَإِن قَالَ قَائِل: أيش التشابه بَينهمَا فِي الْمَعْنى؟ وَالْجَوَاب: أَنه إِذا أكل لَحْمه وَهُوَ ميت فقد هتك حرمته، وَهُوَ لَا يشْعر بِهِ، وَإِذا ذكره بالسوء بِظهْر الْغَيْب فقد هتك حرمته، وَهُوَ لَا يشْعر بِهِ. وَعَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه مر على حمَار ميت فَقَالَ: لِأَن يمْلَأ أحدكُم جَوْفه من هَذَا اللَّحْم خير لَهُ من أَن يغتاب أَخَاهُ. وَيُقَال للمغتاب فِي اللُّغَة: فلَان يَأْكُل لُحُوم النَّاس: وَأنْشد فِي التَّفْسِير فِي هَذَا الْمَعْنى:

(فَإِن أكلُوا لحمي وفرت لحومهم وَإِن هدموا مجدي بنيت لَهُم مجدا)
وَقَوله: ﴿وَاتَّقوا الله إِن الله تواب رَحِيم﴾ أَي: قَابل التَّوْبَة عَن خلقه عطوف بهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى﴾ أَي: آدم وحواء عَلَيْهِمَا السَّلَام ﴿وجعلناكم شعوبا وقبائل﴾ رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الشعوب: الْجُمْهُور مثل: مُضر، وَرَبِيعَة، والقبائل: هم الْبُطُون مِنْهُم، كتميم من مُضر، وشيبان من ربيعَة، وَمِنْهُم من قَالَ: الشعوب هم الأبعدون فِي النّسَب، والقبائل هم الأقربون فِي النّسَب. وَعَن بَعضهم: أَن الشعوب فِي الْعَجم، والقبائل فِي الْعَرَب. وَالْوَاحد من الشعوب شعب وَشعب بِفَتْح الشين وَكسرهَا، وَهُوَ من التشعب.
وَقَوله: ﴿لتعارفوا﴾ أَي: ليعرف بَعْضكُم بَعْضًا، وَقَرَأَ الْأَعْمَش: " لتتعارفوا " وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ: " لتعرفوا "، وَقيل على هَذِه الْقِرَاءَة: " لتعرفوا إِن أكْرمكُم عِنْد الله


الصفحة التالية
Icon