﴿كُنْتُم صَادِقين (١٧) إِن الله يعلم غيب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالله بَصِير بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) ﴾
قَالَ فِي أَنَّهُمَا وَاحِد بقوله تَعَالَى: ﴿فأخرجنا من كَانَ فِيهَا من الْمُؤمنِينَ فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين﴾. وَأكْثر الْأَخْبَار دَالَّة على التَّفْرِيق، فَيجوز أَن نفرق مَا قُلْنَا وعَلى مَا ورد فِي الْأَخْبَار، وَيجوز أَن يُقَال: هما وَاحِد، فَيكون الْإِسْلَام بِمَعْنى الْإِيمَان، وَالْإِيمَان بِمَعْنى الْإِسْلَام، وَهُوَ الْمُتَعَارف بَين الْمُسلمين أَن يفهم من أَحدهمَا مَا يفهم من الآخر، وَالله أعلم.
وَقَوله: ﴿وَلما يدْخل الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ﴾ هُوَ دَلِيل على أَنهم لم يَكُونُوا مُصدقين فِي الْبَاطِن.
وَقَوله: ﴿وَإِن تطيعوا الله وَرَسُوله لَا يلتكم من أَعمالكُم﴾ وَقُرِئَ: " لَا يألتكم " أَي: لَا ينقصكم.
وَأما من قَرَأَ: " لَا يألتكم من أَعمالكُم شَيْئا " فَهُوَ بِمَعْنى النَّقْص أَيْضا، قَالَ الشَّاعِر:
(وَلَيْلَة ذَات سري سريت | وَلم يلتني عَن سراها لَيْت) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله ثمَّ لم يرتابوا﴾ أَي: صدقُوا وَلم يشكوا.
وَقَوله: ﴿وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله﴾ أَي: قدوا أنفسهم وبذلوا أَمْوَالهم فِي طلب رضى الله.
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ هم الصادقون﴾ بِمَعْنى هم الْمُحَقِّقُونَ فِي الْإِيمَان، فَكَأَنَّهُ لما ذكر