﴿عَجِيب (٢) أئذا متْنا وَكُنَّا تُرَابا ذَلِك رَجَعَ بعيد (٣) قد علمنَا مَا تنقص الأَرْض مِنْهُم وَعِنْدنَا كتاب حفيظ (٤) بل كذبُوا بِالْحَقِّ لما جَاءَهُم فهم ي أَمر مريج (٥)
وَقَوله: {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْء عَجِيب﴾
وتعجبهم كَانَ من الْبَعْث بعد الْمَوْت، وَهُوَ تعجب من غير عجب، والتعجب من غير عجب مستنكر مستقبح.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أئذا متْنا وَكُنَّا تُرَابا﴾ مَعْنَاهُ: أنبعث إِذا متْنا وَكُنَّا تُرَابا، قَالُوهُ على طَرِيق الْإِنْكَار.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿ذَلِك رَجَعَ بعيد﴾ أَي: رُجُوع يبعد كَونه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قد علمنَا مَا تنقص الأَرْض مِنْهُم﴾ قَالَ الْحسن أَي: يَمُوت مِنْهُم، وَقَالَ مُجَاهِد: مَا تَأْكُل الأَرْض من لحومهم وجلودهم. وَعَن بَعضهم: موت علمائها.
وَقَوله: ﴿وَعِنْدنَا كتاب حفيظ﴾ أَي: حَافظ، وَهُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَقيل: مَحْفُوظ مَا فِيهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿بل كذبُوا بِالْحَقِّ لما جَاءَهُم فهم فِي أَمر مريج﴾ أَي: مختلط. قَالَ أَبُو ذُؤَيْب الْهُذلِيّ:
(فَخر كَأَنَّهُ خوط مريج...
وَقَالَ غَيره:

(فجالست فَالْتمست بِهِ حشاها فَخر كَأَنَّهُ غُصْن مريج)
وَيُقَال: مريج: ملتبس.
وَوجه الالتباس أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ للنَّبِي مرّة هُوَ سَاحر، وَمرَّة هُوَ شَاعِر، وَمرَّة هُوَ كَاهِن، [وَكَانُوا] أَيْضا يقرونَ بِالْبَعْثِ مرّة، وَيُنْكِرُونَ الْبَعْث مرّة، فَهَذَا هُوَ معنى الِاخْتِلَاط والالتباس.


الصفحة التالية
Icon