﴿الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بقلب منيب (٣٣) ادخلوها بِسَلام ذَلِك يَوْم الخلود (٣٤) لَهُم مَا يشاءون فِيهَا ولدينا مزِيد (٣٤) وَكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أَشد مِنْهُم بطشا﴾
وَعَن بَعضهم: أَنه الَّذِي يحفظ قَوْله وَفعله فِي مَجْلِسه، فَإِذا أَرَادَ أَن [يقوم] قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك.
وَيُقَال: حفيظ أَي: حَافظ لعهد الله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿من خشِي الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ﴾ إِنَّمَا قَالَ بِالْغَيْبِ؛ لأَنهم آمنُوا بِالْبَعْثِ وَالْجنَّة وَالنَّار وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب، وَذَلِكَ كُله غيب.
وَقَوله: ﴿وَجَاء بقلب منيب﴾ الْمُنِيب قد بَينا مَعْنَاهُ فِيمَا سبق، وَالرجل هُوَ الْمُنِيب؛ لكنه أضَاف إِلَى الْقلب؛ لِأَن الْأَكْثَر من أَعمال الْإِيمَان يعمله الْمُؤمن بِقَلْبِه.
وَقَوله: ﴿ادخلوها بِسَلام﴾ يُقَال: إِن الله تَعَالَى يَقُول ذَلِك، وَيُقَال: الْملك يَقُولهَا.
وَقَوله: ﴿بِسَلام﴾ أَي: بسلامة.
وَقَوله: ﴿ذَلِك يَوْم الخلود﴾ هُوَ الخلود فِي الْجنَّة وَالنَّار.
وَقَوله: ﴿لَهُم مَا يشاءون فِيهَا﴾ أَي: مَا يشتهون فِيهَا.
قَوْله: ﴿ولدينا مزِيد﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن الْمَزِيد هُوَ مَا لم يخْطر ببالهم، وَلم تصل [إِلَيْهِ] شهوتهم وإرادتهم. وَالْآخر: أَنه النّظر إِلَى الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿وَكم أهلكنا قبلهم من قرن﴾ قد بَينا معنى الْقرن، وَالأَصَح أَنه أقْصَى مُدَّة عمر كل قوم فِي عمرهم؛ فقرن نوح على مَا كَانَ فِي زَمَانه، وَقرن إِبْرَاهِيم على مَا كَانَ فِي زَمَانه، وَكَذَا إِلَى زَمَانا، فعلى هَذَا قَوْله: " من قرن " أَي: من أهل قرن.
وَقَوله: ﴿هم أَشد مِنْهُم بطشا﴾ أَي: قُوَّة.
وَقَوله: ﴿فَنقبُوا فِي الْبِلَاد﴾ أَي: طوفوا وَسَارُوا.