﴿كَذَلِك قَالَ رَبك إِنَّه هُوَ الْحَكِيم الْعَلِيم (٣٠) قَالَ فَمَا خطبكم أَيهَا المُرْسَلُونَ (٣١) قَالُوا إِنَّا أرسلنَا إِلَى قوم مجرمين (٣٢) لنرسل عَلَيْهِم حِجَارَة من طين (٣٣) مسومة عِنْد رَبك للمسرفين (٣٤) فأخرجنا من كَانَ فِيهَا من الْمُؤمنِينَ (٣٥) فَمَا وجدنَا فِيهَا﴾ صَارَت عجوزا عقيما، وَقد ذكرنَا سنّهَا، أَنَّهَا كَانَت بنت تسع وَتِسْعين سنة.
وَقَوله: ﴿قَالُوا كَذَلِك قَالَ رَبك إِنَّه هُوَ الْحَكِيم الْعَلِيم﴾ أَي: الْحَكِيم فِيمَا يدبر، الْعَلِيم بِأُمُور خلقه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ فَمَا خطبكم أَيهَا المُرْسَلُونَ﴾ أَي: مَا شَأْنكُمْ؟ ولأي شَيْء أرسلتم؟
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا إِنَّا أرسلنَا إِلَى قوم مجرمين﴾ أَي: كَافِرين، وَقيل: ذَوي جرم.
وَقَوله: ﴿لنرسل عَلَيْهِم حِجَارَة من طين مسومة﴾ أَي: معلمة، وَيُقَال: العلامات هِيَ اخواتيم على الْأَحْجَار، وَقيل: كَانَ اسْم كل من يهْلك بذلك الْحجر من الْكفَّار مَكْتُوبًا على ذَلِك الْحجر. وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ﴿مسومة﴾ أَي: حمرَة فِي بَيَاض. وَيُقَال: مخططة.
وَقَوله: ﴿عِنْد رَبك للمسرفين﴾ أَي: الْمُشْركين، وهم الَّذين أَسْرفُوا فِي الْمعاصِي، وكل مُشْرك مُسْرِف فِي الْمعْصِيَة. فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله: ﴿حِجَارَة من طين﴾ وَكَيف تكون الْحِجَارَة من طين؟ وَالْجَوَاب من وُجُوه: أَحدهَا: أَن كَانَ فِي الأَصْل طينا فاستحجر بشروق الشَّمْس عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنه كَانَ مطبوخا من طين كَمَا يطْبخ الْآجر.
وَالثَّالِث: أَن قَوْله: ﴿جَارة من طين﴾ ذكر الطين هَاهُنَا لكَي يعلم أَنه لم يرد بِهِ الْبرد، وَالْعرب تسمي الْبرد النَّازِل من السَّمَاء حِجَارَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فأخرجنا من كَانَ فِيهَا من الْمُؤمنِينَ فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين﴾ فِيهِ دَلِيل لمن قَالَ: إِن الْإِسْلَام وَالْإِيمَان وَاحِد، وَقد بَينا من قبل. وَعَن