﴿فَتَوَلّى بركنه وَقَالَ سَاحر أَو مَجْنُون (٣٩) فأخذناه وَجُنُوده فنبذناهم فِي اليم وَهُوَ مليم (٤٠) وَفِي عَاد إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم (٤١) ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَتَوَلّى بركنه﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: بجمعه وَجُنُوده. وَعَن قَتَادَة: بقوته فِي نَفسه. وَعَن بَعضهم: برهطه الَّذين يتقوى بهم. وركن الشَّيْء مَا يتقوى بِهِ الشَّيْء، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى مخبرا عَن لوط عَلَيْهِ السَّلَام ﴿أَو آوى إِلَى ركن شَدِيد﴾ أَي: إِلَى رَهْط وَقوم أتقوى بهم، وَكَذَلِكَ هَاهُنَا أَيْضا مَعْنَاهُ: أعرض مُعْتَمدًا على رهطه وَقَومه الَّذين يتقوى بهم، وَقيل: تولى بركنه أَي: نأى بجانبه.
وَقَوله: ﴿وَقَالَ سَاحر أَو مَجْنُون﴾ قَالَ أهل الْعلم: هَذَا تنَاقض؛ لِأَن السحر لَا يكون إِلَّا بعقل كَامِل، وَالْمَجْنُون هُوَ الَّذِي لَا عقل لَهُ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فأخذناهم وَجُنُوده فنبذناهم فِي اليم﴾ أَي: (طرحناهم) وألقيناهم فِي الْبَحْر.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ مليم﴾ يُقَال: ألام الرجل فَهُوَ مليم، إِذْ أَتَى بِمَا يلام عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَفِي عَاد إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم﴾ الرّيح الْعَقِيم هِيَ الرّيح الَّتِي لَا خير فِيهَا أصلا، كَأَنَّهَا لَا تلقح شَجرا، وَلَا تثير سحابا، وَلَا تَأتي بمطر. وَفِي بعض التفاسير: أَن الرّيح الْعَقِيم ريح محبوسة تَحت الأَرْض السَّابِعَة أرسل مِنْهَا على مِقْدَار منخر ثَوْر، حَتَّى أهلكت عَاد ودمرتهم، ثمَّ ردهَا إِلَى مَوضِع حَبسهَا. وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور ".
وَعَن سعيد بن الْمسيب وَالزهْرِيّ: أَنهم أهلكوا بالجنوب، فَقيل لسَعِيد: إِن الْجنُوب تَأتي بِالرَّحْمَةِ، فَقَالَ: إِن الله يصرفهَا كَيفَ يَشَاء.
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: الرّيح الْعَقِيم هِيَ النكباء.


الصفحة التالية
Icon