﴿وَالسَّمَاء بنيناها بأيد وَإِنَّا لموسعون (٤٧) وَالْأَرْض فرشناها فَنعم الماهدون (٤٨) وَمن كل شَيْء خلقنَا زَوْجَيْنِ﴾
وَقَوله: ﴿وَإِنَّا لموسعون﴾ قَالَ مُجَاهِد: مَعْنَاهُ يسع قدرتنا أَن تخلق سَمَاء مثلهَا، وَيُقَال: ﴿وَإِنَّا لموسعون﴾ أَي: فِي وسعنا خلق مَا هُوَ أحكم وَأَرْفَع من هَذِه السَّمَاء الَّتِي ترونها، وَحَقِيقَة الْمَعْنى: أَن هَذَا الَّذِي خلقنَا لَيْسَ هُوَ جهد قدرتنا، فَإِن فِي وسعنا أَن نخلق أَمْثَال هَذَا وأضعافه. وَيُقَال: وَإِنَّا لموسعون أَي: فِي رزق الْعباد. وَيُقَال: فِي تَدْبِير أَمر الْعباد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالْأَرْض فرشناها﴾ أَي: بسطناها. وَفِي تَفْسِير النقاش: أَنَّهَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام.
وَقَوله: ﴿فنغم الماهدون﴾ أَي: الباسطون، وَالْمعْنَى: أَنا بسطنا الأَرْض على الْهَيْئَة الَّتِي يسْتَقرّ عَلَيْهَا الْعباد، وَلَا تنكفئ بهم على مَا يبسط الْإِنْسَان فرشا يمهد بِهِ لغيره مَوضِع اسْتِقْرَار وَسُكُون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن كل شَيْء خلقنَا زَوْجَيْنِ﴾ أَي: صنفين. وَيُقَال: مَعْنَاهُ زَوْجَيْنِ زَوْجَيْنِ، وَذَلِكَ مثل: السَّمَاء وَالْأَرْض، وَاللَّيْل وَالنَّهَار، والنور والظلمة، وَالذكر وَالْأُنْثَى، وَالْبر وَالْبَحْر، وَعَن مُجَاهِد قَالَ: الْكفْر وَالْإِيمَان، والشقاوة والسعادة، وَالْهدى والضلالة. وَعَن الْكَلْبِيّ قَالَ: السَّمَاء وَالْأَرْض زوج، وَاللَّيْل وَالنَّهَار زوج، وَالشَّمْس وَالْقَمَر زوج، وعد بِهِ أَشْيَاء من ذَلِك، ثمَّ قَالَ: وَالله هُوَ الْوتر. وروى حُذَيْفَة عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِن الله خَالق كل شَيْء، صانع وصنعته ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار أَيْضا عَن النَّبِي مخبرا عَن الله تَعَالَى: " لَا إِلَه إِلَّا أَنا،