﴿إِن الله هُوَ الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّة المتين (٥٨) فَإِن للَّذين ظلمُوا ذنوبا مثل ذنُوب أَصْحَابهم فَلَا يستعجلون (٥٩) فويل للَّذين كفرُوا من يومهم الَّذِي يوعدون (٦٠) ﴾ قلت فِي الأول رزق الْعباد فَمَعْنَى هَذَا إطعامهم أنفسهم، وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿يطْعمُون﴾ لِأَن الْخلق عباد الله، فَإِذا أطْعمهُم (فَكَأَنَّهُ) أطْعم الله على الْمجَاز.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ حاكيا عَن الله تَعَالَى فِيمَا يَقُول لعَبْدِهِ يَوْم الْقِيَامَة: " استطعمتك فَلم تطعمني، فَيَقُول: يَا رب، وَكَيف أطعمك، وَأَنت رب الْعَالمين؟ فَيَقُول:


قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله هُوَ الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّة المتين﴾، الرَّزَّاق بِمَعْنى الرازق، وَيُقَال: يَقْتَضِي مُبَالغَة وتكثيرا.
وَقَوله: ﴿ذُو الْقُوَّة المتين﴾ أَي: الْقُوَّة الْبَالِغَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن للَّذين ظلمُوا ذنوبا مثل ذنُوب أَصْحَابهم﴾ أَي: نصيب من الْعَذَاب مثل نصيب أَصْحَابهم، أَي: أمثالهم من الْمُشْركين الَّذين تقدمُوا، فجعلهم أَصْحَابهم لما اجْتَمعُوا فِي الْكفْر، وَإِن تَفَرَّقت بهم الْقُرُون. والذنُوب فِي اللُّغَة: هُوَ الدَّلْو لعَظيم، وَمِنْه أَخذ النَّصِيب.
وَقَوله: ﴿فَلَا يستعجلون﴾ أَي: الْعَذَاب نَازل بهم فَلَا يَنْبَغِي أَن يستعجلوا، وَقد تقدم ذكر استعجالهم فِيمَا سبق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فويل للَّذين كفرُوا من يومهم الَّذِي يوعدون﴾ قد بَينا معنى الويل. وَقَوله: ﴿من يومهم الَّذِي الَّذِي يوعدون﴾ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة، وَهُوَ الْيَوْم الْمَوْعُود المنتظر لجزاء الْعباد، ونسأل الله حسن الْعَاقِبَة بفضله وَمِنْه (آمين).


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
استطعمك عَبدِي فلَان فَلم تطعمه وَلَو أطعمته لوجدته عِنْدِي الْخَبَر إِلَى آخِره ".