﴿يَوْم يدعونَ إِلَى نَار جَهَنَّم دَعَا (١٣) هَذِه النَّار الَّتِي كُنْتُم بهَا تكذبون (١٤) أفسحر هَذَا أم أَنْتُم لَا تبصرون (١٥) اصلوها فَاصْبِرُوا أَو لَا تصبروا سَوَاء عَلَيْكُم إِنَّمَا تُجْزونَ﴾
وَقَوله: ﴿هَذِه النَّار الَّتِي كُنْتُم بهَا تكذبون﴾ يُقَال لَهُم هَذَا على طَرِيق التوبيخ والتقريع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أفسحر هَذَا﴾ فِي التَّفْسِير: أَنهم لما كَانُوا يرَوْنَ الْآيَات فِي الدُّنْيَا وَدَلَائِل نبوة الرَّسُول فَيَقُولُونَ: إِنَّهَا سحر وَنحن لَا نبصر مَا يَقُول أَي: لَا نعلم فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة وعاينوا الْعَذَاب يُقَال لَهُم: أفسحر هَذَا كَمَا تَزْعُمُونَ فِي الدُّنْيَا لما رَأَيْتُمْ من الْآيَات أم أَنْتُم لَا تبصرون، أَي: هَل أَنْتُم لَا تبصرون كَمَا لم تبصروا فِي الدُّنْيَا على زعمكم؟.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي قَوْله: ﴿أم أَنْتُم لَا تبصرون﴾ أَي: مَعْنَاهُ بل كُنْتُم لَا تبصرون، أَي: لَا تعلمُونَ، وَهَذَا قَول مَعْرُوف.
وَقَوله: ﴿اصلوها﴾ أَي: ادخلوها. وَيُقَال: قاسوا حرهَا.
وَقَوله: ﴿فَاصْبِرُوا أَو لَا تصبروا﴾ هُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿سَوَاء علينا أجزعنا أم صَبرنَا﴾ وَالْمعْنَى: أَنكُمْ سَوَاء صَبَرْتُمْ أَو جزعتم، فالعذاب وَاقع بكم وَلَا يُخَفف عَنْكُم. وَفِي بعض الْآثَار: أَن أهل النَّار يجزعون مُدَّة مديدة، وينادون على أنفسهم بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور ثمَّ يَقُولُونَ: تَعَالَوْا نصبر، فيصبرون أَيْضا مُدَّة مديدة فَلَا يَنْفَعهُمْ وَاحِد من الْأَمريْنِ، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿سَوَاء عَلَيْكُم﴾ أَي: مستو [كلتا] الْحَالَتَيْنِ، وَالْعَذَاب مُسْتَمر بكم فيهمَا.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا تُجْزونَ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ يَعْنِي: أَن هَذَا عَمَلكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الْمُتَّقِينَ فِي جنَّات ونعيم﴾ أَي: بساتين ونعمة.


الصفحة التالية
Icon