﴿لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم﴾ وَيَطوف عَلَيْهِم غلْمَان لَهُم كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ منكون وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون قَالُوا إِنَّا كُنَّا قبل فِي أهلنا فِي أهلنا مشفقين
وَقَوله ﴿لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم﴾ أَي: لَا يجْرِي بَينهم كَلَام بَاطِل، وَلَا كَلَام يَأْثَم بِهِ قَائِله، على مَا يكون بَين الشَّرَاب فِي الدُّنْيَا. قَالَ القتيبي: مَعْنَاهُ: لَا يسكرون فَيكون مِنْهُم كَلَام لَغْو أَو كَلَام يأثمون بِهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَطوف عَلَيْهِم غلْمَان لَهُم كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون﴾ أَي: مصون مَسْتُور من الشَّمْس وَالرِّيح، وَمن كل مَا يذهب صفاءه وبهاءه ويغيره.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون﴾ فِي الْآيَة دَلِيل على أَن أهل الْجنَّة يَجْتَمعُونَ، ويذكرون أَحْوَال الدُّنْيَا، وَيسْأل بَعضهم بَعْضًا عَن ذَلِك.
وَقَوله: ﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قبل فِي أهلنا مشفقين﴾ أَي: وجلين خَائِفين، فَيُقَال: إِن خوفهم ووجلهم هُوَ من يَوْم الْقِيَامَة. وَيُقَال: إِن خوفهم ووجلهم من أَن لَا تقبل مِنْهُم أَعْمَالهم، وَهُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين هم من خشيَة رَبهم مشفقون﴾ قَالَت عَائِشَة: عمِلُوا مَا عمِلُوا من الطَّاعَات، وخافوا أَن لَا تقبل مِنْهُم. وَيُقَال: إِن الْمُؤمن فِي بَيته وَجل؛ لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى معاشرة أَهله وَولده، وَلَا بُد لَهُ مَعَ ذَلِك أَن يَتَّقِي الله تَعَالَى، وَلَا يَقُول وَلَا يفعل مَا لَا يرضاه الله، وَهَذَا هُوَ أَشد شَيْء على الْمُؤمنِينَ أَن يَكُونُوا على حذر من رَبهم وعَلى طلب رِضَاهُ مِنْهُم فِيمَا بَين أُمُورهم مَعَ الْخلق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمن الله علينا﴾ أَي: أنعم الله علينا.
وَقَوله: ﴿ووقانا عَذَاب السمُوم﴾ أَي: عَذَاب جَهَنَّم، فَيُقَال: إِن السمُوم اسْم من أَسمَاء جَهَنَّم. وَيُقَال: عَذَاب السمُوم أَي: عَذَاب سموم جَهَنَّم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا كُنَّا من قبل نَدْعُوهُ﴾ أَي: نوحده ونعبده، وَالدُّعَاء هَاهُنَا بِمَعْنى


الصفحة التالية
Icon