﴿بِهِ ريب الْمنون (٣٠) قل تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعكُمْ من المتربصين (٣١) أم تَأْمُرهُمْ أحلامهم بِهَذَا أم هم قوم طاغون (٣٢) أم يَقُولُونَ تَقوله بل لَا يُؤمنُونَ (٣٣) فليأتوا بِحَدِيث﴾
وَقَالَ الشَّاعِر:

أَمن الْمنون وريبها نتوجع وَالْمَوْت لَيْسَ بمعتب من يجزع)
والمنون يؤنث وَيذكر، فَمن ذكر فعلى اللَّفْظ، وَمن أنث فَهُوَ على أَنه بِمَعْنى الْمنية. وَيُقَال: (ريب) الْمنون الدَّهْر، مكاره الدَّهْر، فَقَالَ: رَابَنِي كَذَا أَي: أصابني مِنْهُ مَا أكره. وَفِي التَّفْسِير: أَن هَذَا القَوْل قَالَه أَبُو جهل وَعقبَة بن أبي معيط وَشَيْبَة بن ربيعَة وَالنضْر بن الْحَارِث وَغَيرهم. قَالُوا: هُوَ شَاعِر نَنْتَظِر بِهِ حوادث الدَّهْر، وتتخلص مِنْهُ بهَا كَمَا تخلصنا من فلَان وَفُلَان.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل تَرَبَّصُوا﴾ أَي: انتظروا.
﴿فَإِنِّي مَعكُمْ من المتربصين﴾ أَي: المنتظرين، وانتظاره كَانَ [إِمَّا] أَن يظفر بهم أَو يسلمُوا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أم تَأْمُرهُمْ أحلامهم بِهَذَا﴾ أَي: عُقُولهمْ، وَكَانُوا يدعونَ أَنهم ذَوُو عقول وأحلام. وَالْعقل: هُوَ الدَّاعِي إِلَى الْحلم فَسَماهُ باسمه. وَيُقَال: إِن الْمَعْنى من هَذَا هُوَ تسفيههم وتجهيلهم أَي: لَيْسَ لَهُم حلم وَلَا عقل حَيْثُ قَالُوا مثل هَذَا القَوْل، وَحَيْثُ نسبوا إِلَى الشّعْر وَالْجُنُون من دعاهم إِلَى التَّوْحِيد وأتاهم بالبراهين.
وَقَوله: ﴿أم هم قوم طاغون﴾ أَي: بل هم قوم طاغون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم يَقُولُونَ تَقوله﴾ أَي: افتراه واختلقه.
وَقَوله: ﴿بل لَا يُؤمنُونَ﴾ أَي: لَا يصدقون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فليأتوا بِحَدِيث مثله إِن كَانُوا صَادِقين﴾ أَي: بِكِتَاب مثل مَا أَتَى بِهِ


الصفحة التالية
Icon