﴿أفتماروه على مَا يرى (١٢) وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى (١٣) ﴾ وَالْجَوَاب: أَنهم قَالُوا: إِن الله تَعَالَى خلق رُؤْيَة لفؤاده، فَرَأى بفؤاده مثل مَا يرى الْإِنْسَان بِعَيْنِه. وعَلى القَوْل الأول الرُّؤْيَة منصرفة إِلَى جِبْرِيل.
قَوْله تَعَالَى ﴿أفتمارونه على مَا يرى﴾ بعنى افتجادلونه وَكَانَت مجادلتهم مجادلة الشاكين المكذبين وَقد روى أَنهم استعوصفوه مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس واستخبروه عَن عيرهم فِي الطَّرِيق وقربها من مَكَّة وقرىء " أفتمرونه على مَا يرى أى أفتجحدونه قَالَ الشَّاعِر:


قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى﴾ أَي: رأى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نزلة أُخْرَى أَي: مرّة أُخْرَى. فَإِن قيل: قد كَانَ رَآهُ كثيرا، فَمَا معنى نزلة أُخْرَى؟ وَالْجَوَاب: أَنه لم ير جِبْرِيل فِي [صورته الَّتِي خلق عَلَيْهَا] إِلَّا مرَّتَيْنِ: مرّة بالأفق الْأَعْلَى، وَكَانَ ذَلِك عِنْد ابْتِدَاء الْوَحْي، وَقَالَ أهل الْمعَانِي: كَانَ ذَلِك شبه آيَة أَرَاهَا النَّبِي ليعلم أَنه من الله. والمرة الثَّانِيَة رَآهُ عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى لَيْلَة الْمِعْرَاج كَمَا قَالَ: ﴿وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى﴾ والسدرة شَجَرَة النبق. وَفِي التَّفْسِير: أَنَّهَا فِي السَّمَاء السَّابِعَة، وَيُقَال: فِي السَّادِسَة. وَعَن عِكْرِمَة: هِيَ على يَمِين الْعَرْش.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " رفعت لي سِدْرَة الْمُنْتَهى فَإِذا نبقها كقلال هجر، وأوراقها كآذان الفيلة، يخرج من أَصْلهَا أَرْبَعَة أَنهَار: نهران ظاهران، ونهران باطنان ". على مَا بَينا.
وَاخْتلف القَوْل فِي معنى الْمُنْتَهى، قَالَ بَعضهم: يَنْتَهِي إِلَيْهَا علم الْمَلَائِكَة، وَلَا يعلمُونَ مَا وَرَاء ذَلِك، وَهُوَ القَوْل الْمَعْرُوف.


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(لَئِن هجرت أَخا صدق ومكرمة فقد مريت أَخا مَا كَانَ يمركما) أى جحدت.