﴿ألكم الذّكر وَله الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذا قسْمَة ضيزى (٢٢) إِن هِيَ إِلَّا أَسمَاء سميتموها أَنْتُم وآباؤكم﴾ سبّ آلِهَتهم وعيبها، عَاد الْمُشْركُونَ إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ ".
وَفِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ قد وصل ذَلِك الْخَبَر إِلَى الْحَبَشَة، أَن الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين اتَّفقُوا، وَأَن الْكفَّار قد سجدوا بسجود النَّبِي حَتَّى الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، وَقد كَانَ شيخهم وَكَبِيرهمْ فَرفع التُّرَاب إِلَى جَبهته وَسجد عَلَيْهِ، فَرجع الْمُسلمُونَ من الْحَبَشَة، فَلَمَّا صَارُوا فِي بعض الطَّرِيق بَلغهُمْ الْخَبَر فَرَجَعُوا إِلَى الْحَبَشَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ألكم الذّكر وَله الْأُنْثَى﴾ هَذَا على طَرِيق الْإِنْكَار عَلَيْهِم، لأَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: هَذِه الْأَصْنَام على صور الْمَلَائِكَة، وَالْمَلَائِكَة بَنَات الله، وَهَذَا قَول بَعضهم.
وَقَوله: ﴿تِلْكَ إِذا قسْمَة ضيزى﴾ أَي: جائرة. وَحَقِيقَة الْمَعْنى: أَنكُمْ إِذا كرهتم الْبَنَات لأنفسكم فَأولى أَن تكرهوها لله تَعَالَى.
وَقد حكى أهل اللُّغَة هَذِه الْكَلِمَة عَن الْعَرَب على أَرْبَعَة أوجه: ضيزى، وضوزى بِغَيْر همزَة، وضأزى، وضازي بِغَيْر همزَة، وَهَذِه اللُّغَات وَرَاء مَا ورد بِهِ التَّنْزِيل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن هِيَ إِلَّا أَسمَاء سميتموها أَنْتُم وآباؤكم مَا أنزل الله بهَا من سُلْطَان﴾ أَي: حجَّة. وَعَن ابْن عَبَّاس: أَن كل سُلْطَان فِي الْقُرْآن هُوَ بِمَعْنى الْحجَّة.
وَقَوله: ﴿إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن﴾ فِي بعض الْآثَار: أَن الْمُؤمن أحسن الْعَمَل فَحسن ظَنّه، وَأَن الْمُنَافِق أَسَاءَ الْعَمَل فسَاء ظَنّه. وَفِي بعض الْأَخْبَار: " أكذب الحَدِيث هُوَ الظَّن ".


الصفحة التالية
Icon