﴿هُوَ أمات وَأَحْيَا (٤٤) وَأَنه خلق الزَّوْجَيْنِ الذّكر وَالْأُنْثَى (٤٥) من نُطْفَة إِذا تمنى (٤٦) وَأَن عَلَيْهِ النشأة الْأُخْرَى (٤٧) وَأَنه هُوَ أغْنى وأقنى (٤٨) وَأَنه هُوَ رب﴾ آدم وحواء. وَالأَصَح أَنه الذّكر وَالْأُنْثَى من بني آدم.
وَقَوله: ﴿من نُطْفَة إِذا تمنى﴾ أَي: تقدر. تَقول الْعَرَب: مَا تمنى تِلْكَ [الْأَمَانِي] أَي: يقدر ذَلِك الْمُقدر. وَقيل: إِذا تمنى، هُوَ عبارَة عَن الْوَطْء أَي: من نُطْفَة تحصل بِالْجِمَاعِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَن عَلَيْهِ النشأة الْأُخْرَى﴾ أَي: الْبَعْث يَوْم الْقِيَامَة، وَإِنَّمَا قَالَ: " الْأُخْرَى " لِأَنَّهَا ثَانِيَة النشأة الأولى، والنشأة الأولى ابْتِدَاء الْخلق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنه هُوَ أغْنى وأقنى﴾ مَعْنَاهُ: أعْطى وأوسع، فَقَوله: ﴿أقنى﴾ أَي: أعْطى الْقنية، والقنية: هِيَ أصل مَال يتَّخذ. قَالُوا: وَهُوَ مثل الْإِبِل وَالْبَقر والضياع والنبات وَمَا أشبه. وَيُقَال: أغْنى بِالذَّهَب وَالْفِضَّة، وأقنى بِغَيْرِهِمَا من الْأَمْوَال. وَيُقَال: أغْنى وأقنى: أَي: أعْطى وقنع بِمَا أعْطى. قَالَ القتيبي: أغْنى أَي: أعْطى المَال وأفنى أَي أخدم كَأَنَّهُ أعطَاهُ من يَخْدمه وَقَالَ أغْنى أى أعْطى بِمَا أعْطى. وَعَن بَعضهم أغْنى: أَي: أغْنى نَفسه، كَأَنَّهُ وصف نَفسه بالغنى. وَقَوله: ﴿وأقنى﴾ أَي: أفقر خلقه إِلَى نَفسه، وَيُقَال: أغْنى وأقنى: أَي: وسع وقتر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنه هُوَ رب الشعرى﴾ فِي التَّفْسِير: أَنه كَانَ رجل من خُزَاعَة خَالف دين آبَائِهِ وَعبد الشّعْر العبور، وَهُوَ كَوْكَب خلف الجوزاء تسمى المرزم، وهما الشعريان: [إِحْدَاهمَا] : الغميصاء، وَالْأُخْرَى: العبور، فالغميصاء فِي المجرة، والعبور خلف الجوزاء وَتسَمى كلب الجوزاء. وَكَانَ ذَلِك الرجل يعبد الشعرى، وَيَقُول: إِنَّهَا تقطع الْفلك عرضا دون سَائِر الْكَوَاكِب، فَإِنَّهَا تقطع أَمْوَالًا، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَذكر أَنه خَالق الشعرى الَّتِي تعبدونها. [قَالَه] مُجَاهِد وَقَتَادَة وَغَيرهمَا. وَعَن بَعضهم: أَنَّهَا الزهرة، وَهَذَا مُخَالف لظَاهِر الْآيَة.


الصفحة التالية
Icon