﴿الشعرى (٤٩) وَأَنه أهلك عادا الأولى (٥٠) وَثَمُود فَمَا أبقى (٥١) وَقوم نوح من قبل إِنَّهُم كَانُوا هم أظلم وأطغى (٥٢) والمؤتفكة أَهْوى (٥٣) فغشاها مَا غشى (٥٤) ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنه أهلك عادا الأولى﴾ فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله: " عادا الأولى "، وَعَاد كَانَت وَاحِد لَا اثْنَيْنِ؟ وَالْجَوَاب: أَن ثمودا وعادا كَانَا من ولد آدم بن سَام بن نوح، فَعَاد هم قوم هود، وهم عَاد الأولى، وَثَمُود هم قوم صَالح وهم عَاد الْأُخْرَى.
وَقَوله: ﴿وَثَمُود فَمَا أبقى﴾ أَي: أبادهم وأفناهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقوم نوح من قبل إِنَّهُم كَانُوا هم أظلم وأطغى﴾ أَي: أكبر وَأَشد طغيانا. وَفِي الْقِصَّة: أَن الرجل مِنْهُم كَانَ يَأْتِي بِابْنِهِ إِلَى نوح فَيَقُول: احذر هَذَا الشَّيْخ، وَإِيَّاك أَن يضلك، فَإِن أبي حَملَنِي وَأَنا فِي مثل سنك إِلَيْهِ وَحَذَّرَنِي مِنْهُ كَمَا حذرتك مِنْهُ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿والمؤتفكة أَهْوى﴾ المؤتفكة هِيَ مَدَائِن لوط، ائتفكت بهم الأَرْض أَي: انقلبت بهم.
وَقَوله: ﴿أَهْوى﴾ يُقَال: هوى إِذا سقط، وأهوى إِذا أسقط. وَقد بَينا أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قلعهَا من أَصْلهَا، وَبلغ بهَا السَّمَاء الدُّنْيَا حَتَّى سمع أهل السَّمَاء الدُّنْيَا نباح الْكلاب وأصوات ديكتهم، وَكَانَ فِيهَا أَرْبَعمِائَة ألف رجل. وَقد قيل أَكثر من ذَلِك، ثمَّ أَن جِبْرِيل قَلبهَا فَجَاءَت تهوى فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿والمؤتفكة أَهْوى﴾ قَالَ عِكْرِمَة: فَهِيَ تتجلجل فِي الأَرْض إِلَى قيام السَّاعَة. وَالْعرب تَقول: أَهْوى أَي: وَقع فِي هوة، والهوة: الحفرة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فغشاها مَا غشى﴾ أَي: غشاها من الْحِجَارَة مَا غشى. يُقَال: من عَذَاب الله مَا غشى. والتغشية: التغطية. وَفِي الْقِصَّة: أَن الْحجر يتبع شرادهم حَتَّى أهلكهم جَمِيعًا، وَكَانَ فِي الْحرم رجل مِنْهُم فَوقف حجر فِي الْهَوَاء سَبْعَة أشهر، ثمَّ خرج فَلَمَّا خرج وخطا خطْوَة سقط عَلَيْهِ الْحجر وأهلكه، وَكَانَ اسْمه أَبُو رِغَال.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَبِأَي آلَاء رَبك تتمارى﴾ أَي: تتشكك، وَمَعْنَاهُ: تشك، وَقيل:


الصفحة التالية
Icon