{الأجداث كَأَنَّهُمْ جَراد منتشر (٧) مهطعين إِلَى الداع يَقُول الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْم عسر (٨) كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عَبدنَا وَقَالُوا مَجْنُون وازدجر (٩) فَدَعَا ربه أَنِّي مغلوب فانتصر (١٠) ففتحنا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاء منهمر (١١)
وَرُوِيَ أَن مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام سَأَلت رَبهَا أَن يطْعمهَا لَحْمًا بِغَيْر دم، فَقَالَت: اللَّهُمَّ أعشها بِغَيْر [رضَاع]، وتابع بَينهَا بِغَيْر شياع. ثمَّ ذكر أَن التَّوْفِيق بَين الْآيَتَيْنِ هُوَ أَن النَّاس إِذا خَرجُوا من قُبُورهم يخْتَلط بَعضهم بِبَعْض، وَلَا يتبعُون جملَة وَاحِدَة، فهم كالفراش المبثوث، ثمَّ يدعونَ إِلَى الْمَحْشَر أَو إِلَى الْحساب فَيتبع كلهم الْجِهَة الَّتِي يدعونَ إِلَيْهَا، فهم كالجراد الْمُنْتَشِر.
وَقَوله: ﴿مهطعين إِلَى الداع﴾ أَي: مُسْرِعين مُقْبِلين، وَيُقَال: مهطعين الإهطاع: هُوَ النسلان، وَيُقَال: الخبب.
وَقَوله: ﴿يَقُول الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْم عسر﴾ أَي: غير سهل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عَبدنَا﴾ أَي: نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَوله: ﴿وَقَالُوا مَجْنُون وازدجر﴾ أَي: زجر بالشتم والسب.
وَيُقَال: زجرا بالتخويف بِالْقَتْلِ، قَالَه سعيد بن جُبَير وَقَتَادَة وَغَيرهمَا. وَيُقَال: ازدجر، أَي: استطر عقله، كَأَنَّهُمْ قَالُوا: مَجْنُون ومعتوه.
وَقَوله: ﴿فَدَعَا ربه أَنِّي مغلوب فانتصر﴾ أَي: انتصر لدينك بالانتقام من أعدائك.
وَقَوله: ﴿ففتحنا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاء منهمر﴾ قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ (فتح) مَوضِع المجرة، وَهِي شرج السَّمَاء. وَفِي الْقِصَّة: أَن الله تَعَالَى أرسل المَاء من السَّمَاء بِدُونِ سَحَاب، وَلم يكن أرسل الْمَطَر قبله وَلَا بعده إِلَّا من