﴿وَلَقَد تركناها آيَة فَهَل من مدكر (١٥) فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر (١٦) وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر فَهَل من مدكر (١٧) كذبت عَاد فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر (١٨) إِنَّا أرسلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا فِي يَوْم نحس مُسْتَمر (١٩) تنْزع النَّاس﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد تركناها آيَة﴾ أَي: تركنَا السَّفِينَة آيو وعبرة، قَالَ قَتَادَة: بقيت سفينة نوح ببا قردى من بِلَاد الجزيرة حَتَّى أدْركهَا أَوَائِل هَذِه الْأمة.
وَقَوله: ﴿فَهَل من مدكر﴾ أَي: متعظ متذكر.
وَقَوله: ﴿فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر﴾ أَي: كَيفَ كَانَ تعذيبي وإنذاري.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر فَهَل من مدكر﴾ أَي: متفكر، وَمعنى تيَسّر الْقُرْآن للذِّكْرَى: هُوَ قِرَاءَته عَن ظهر قلب، وَلم يُعْط هَذَا فِي كتاب الله غير هَذِه الْأمة، فَإِن أهل الْكِتَابَيْنِ إِنَّمَا يقرءوا فهما عَن الصُّحُف.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كذبت عَاد فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر﴾ أَي: تعذيبي وإنذاري لَهُم.
وَقَوله: ﴿إِنَّا أرسلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا﴾ أَي: بَارِدَة، وَيُقَال: شَدِيدَة الهبوب.
وَقَوله: ﴿فِي يَوْم نحس﴾ أَي: فِي يَوْم مشئوم، وَعَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: كَانَ فِي أربعاء لَا تَدور، ذكره النقاش. وَيُقَال: كَانَ زحل رَاجعا هابطا، وَهُوَ ضَعِيف مَتْرُوك.
وَقَوله: ﴿مُسْتَمر﴾ أَي: دَائِم الشؤم، ودوام الشؤم أَن الرّيح استمرت بهم سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام. وَيُقَال: مُسْتَمر أَي: اسْتمرّ بهم الْعَذَاب حَتَّى أوقعهم فِي جَهَنَّم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿تنْزع النَّاس﴾ أَي: تقلع النَّاس. وَفِي الْقِصَّة: أَن الرّيح كَانَت تقلعهم، وَتجْعَل أعلاهم أسفلهم وأسفلهم أعلاهم. قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: لما جَاءَت الرّيح أَخذ بَعضهم بيد بعض، وَجعلُوا دست، وضربوا بأقدامهم على الْحجر حَتَّى رسخت فِيهِ، وَقَالُوا: من الَّذِي يزيلنا من أماكننا؟ وَفِي الْقِصَّة: أَن طول الْوَاحِد مِنْهُم كَانَ سِتّمائَة ذِرَاع وَخَمْسمِائة، والأقصر ثَلَاثمِائَة ذِرَاع بذراعهم، فَلَمَّا فعلوا ذَلِك خرجت من تَحت أَقْدَامهم وقلعتهم.