﴿كَذَّاب أشر (٢٥) سيعلمون غَدا من الْكذَّاب الأشر (٢٦) إِنَّا مرسلوا النَّاقة فتْنَة لَهُم فارتقبهم واصطبر (٢٧) ونبئهم أَن المَاء قسْمَة بَينهم كل شرب محتضر﴾
وَقَوله: ﴿سيعلمون غَدا من الْكذَّاب الأشر﴾ أَي: يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يلقون جَزَاء أَعْمَالهم. وَقُرِئَ فِي الشاذ: " من الْكذَّاب الأشر " وَقُرِئَ أَيْضا: " الأشر " بِضَم الشين. والأشر والأشر بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ مثل حذر وحذر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا مرسلوا النَّاقة فتْنَة لَهُم﴾ فِي الْقِصَّة: أَن قوم صَالح طلبُوا مِنْهُ أَن يخرج من هَذِه الصَّخْرَة وأشاروا إِلَى صَخْرَة بِعَينهَا نَاقَة حَمْرَاء عشراء، والعشراء: هِيَ النَّاقة الْحَامِل الَّتِي أَتَى على حملهَا عشرَة أشهر، وتلد سقبا فِي الْحَال، ثمَّ ترد مَاءَهُمْ وتشرب جَمِيع مَا فِيهَا، وَتُعْطِي لَبَنًا بِقدر مَا شربت من المَاء، فَأَعْطَاهُمْ الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. وَرُوِيَ أَن الصَّخْرَة تمخضت كَمَا تتمخض النَّاقة عِنْد الْولادَة، وَوضعت نَاقَة فِي الْحَال كأعظم مَا يكون. وَرُوِيَ أَن عظم النَّاقة كَانَ بِحَيْثُ إِذا مشت بَين الْوَادي أَخذ بَطنهَا مَا بَين الجبلين.
وَقَوله: ﴿فتْنَة لَهُم﴾ أَي: اختبارا لَهُم.
وَقَوله: ﴿فارتقبهم واصطبر﴾ أَي: انتظرهم واصبر.
وَقَوله: ﴿ونبئهم أَن المَاء قسْمَة بَينهم﴾ أَي: للناقة يَوْم وَلَهُم يَوْم.
وَقَوله: ﴿كل شرب محتضر﴾ أَي: كل نصيب بِحَضْرَة من لَهُ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَنَادوا صَاحبهمْ﴾ يَعْنِي: قدار بن سالف، وَهُوَ أَحْمَر ثَمُود. وَفِي الْمثل: أشأم من أَحْمَر عَاد. يَعْنِي: على قومه. وَإِنَّمَا قيل: عادا لِأَن ثَمُود من نسب عَاد. وَفِي الْخَبَر أَن النَّبِي قَالَ: " انْبَعَثَ لَهُ يَعْنِي لقتل النَّاقة رجل عَزِيز فِي قومه مثل [أبي] زَمعَة ".