﴿نعْمَة من عندنَا كَذَلِك نجزي من شكر (٣٥) وَلَقَد أَنْذرهُمْ بطشتنا فتماروا بِالنذرِ (٣٦) وَلَقَد راودوه عَن ضَيفه فطمسنا أَعينهم فَذُوقُوا عَذَابي وَنذر (٣٧) وَلَقَد صبحهمْ بكرَة عَذَاب مُسْتَقر (٣٨) ﴾ يَدَيْهِ، وَهِي أَرْبَعُونَ يَسُوقهَا، وَهُوَ آخذ بيد ابْنَته الْكُبْرَى بِيَمِينِهِ، وبيد ابْنَته الصُّغْرَى بيساره، وَامْرَأَته خَلفه، فَلَمَّا سمعُوا الْوَصِيَّة فِي هَلَاك الْقَوْم سجد هُوَ وابنتاه شكرا، والتفتت الْمَرْأَة فأصابتها الْحِجَارَة وَهَلَكت.
وَقَوله: ﴿نعْمَة من عندنَا﴾ أَي: إنعاما من عندنَا.
وَقَوله: ﴿كَذَلِك نجزي من شكر﴾ أَي: شكر نعم الله.
وَقَوله: ﴿وَلَقَد أَنْذرهُمْ بطشتنا﴾ أى خوفهم بطشتنا بهم فِي الإهلاك
وَقَوله ﴿فتماروا بِالنذرِ﴾ أَي: شكوا برسالة الرُّسُل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد راودوه عَن ضَيفه﴾ أَي: طلبُوا من لوط أَن يسلم إِلَيْهِم أضيافه. وَفِي الْقِصَّة: أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام جَاءَ وَمَعَهُ ملكان، وَكَانَ قوم لوط قد قَالُوا لَهُ: إِنَّا لَا نمتنع من عَملنَا، فإياك أَن تضيف أحدا من الغرباء، فَلَمَّا جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ الْملكَيْنِ فِي صُورَة الْبشر، مرت الْعَجُوز الخبيثة وَأَخْبَرتهمْ بورودهم، وَذكرت لَهُم حسن وُجُوههم، فَجَاءُوا يطْلبُونَ الْفَاحِشَة، فَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿راودوه عَن ضَيفه﴾.
وَقَوله: ﴿فطمسنا أَعينهم﴾ رُوِيَ أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام صفق أَعينهم صَفْقَة بجناحه، فصاروا عميانا يَلْتَمِسُونَ الْجِدَار بِالْأَيْدِي. وَرُوِيَ أَن وُجُوههم صَارَت سطحا وَاحِدًا مَا بَقِي عَلَيْهَا أثر شَيْء.
وَقَوله: ﴿فَذُوقُوا عَذَابي وَنذر﴾ أَي: فَذُوقُوا عَذَابي وعاقبة إنذاري.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد صبحهمْ بكرَة عَذَاب مُسْتَقر﴾ أَي: نزل بهم الْعَذَاب وَاسْتقر بكرَة. وَمعنى الِاسْتِقْرَار هُوَ هلاكهم بذلك الْعَذَاب.