﴿بل السَّاعَة موعدهم والساعة أدهى وَأمر (٤٦) إِن الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر (٤٧) يَوْم يحبسون فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر (٤٨) إِنَّا كل شَيْء﴾ يثب فِي درعه وَيَقُول: " سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر ". وَهَذَا الْخَبَر دَلِيل أَيْضا أَن هَذِه الْآيَة مَكِّيَّة، وَقد بَينا فِي رِوَايَة أُخْرَى أَنَّهَا مَدَنِيَّة. والدبر بِمَعْنى الأدبار.
وَقَوله: ﴿بل السَّاعَة موعدهم﴾ أَي: الْقِيَامَة موعدهم، وَسميت السَّاعَة لقرب كَونهَا. وَقيل: سميت سَاعَة؛ لِأَنَّهَا كائنه لَا محَالة كالوقت، وَهُوَ كَائِن لَا محَالة فَسمى سَاعَة.
وَقَوله: ﴿والساعة أدهى وَأمر﴾ أَي: أقطع وَأَشد. والداهية: كل أَمر لَا يَهْتَدِي إِلَى الْخُرُوج مِنْهُ. " وَأمر ": هُوَ من المرارة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر﴾ قد بَينا. وَعَن الْأَخْفَش: أَن السّعر جمع السعير جمع السعير، وَيُقَال مَعْنَاهُ: فِي نَار يحترقون فِيهَا وَلَا يعلمونها، وَهَذَا إِشَارَة إِلَى الْعَاقِبَة، وَمَا يصير إِلَيْهِ حَالهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود: " يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار ". وَالْمَعْرُوف الأول، وَهُوَ من السحب والجر.
وَقَوله: ﴿ذوقوا مس سقر﴾ أَي: يُقَال لَهُم ذَلِك، وَهُوَ على طَرِيق الْمجَاز، كَمَا يَقُول الْقَائِل لغيره وَهُوَ يضْربهُ: ذُقْ وبال أَمرك، أَي: عمله، وَمثله كثير فِي الْعَرَبيَّة وَكَلَامهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر﴾ نصب كل بِتَقْدِير فعل مَحْذُوف، وَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّا خلقنَا كل شَيْء خلقناه بِقدر. وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " كل