﴿رب المشرقين وَرب المغربين (١٧) فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٨) مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ (١٩) بَينهمَا برزخ لَا يبغيان (٢٠) فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢١) إِبْلِيس.
وَقَوله: {من مارج من نَار﴾
قد ذكرنَا. وَقَالَ سعيد بن جُبَير: المارج: الخضرة الَّتِي تكون بَين النَّار وَبَين الدُّخان. وَيُقَال: المارج نَار مختلطة بسواد. وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: ﴿من نَار﴾ : هِيَ نَار دون الْحجاب، وَمِنْهَا الصَّوَاعِق الَّتِي يَرَاهَا النَّاس.
قَوْله تَعَالَى: ﴿رب المشرقين وَرب المغربين﴾ مَعْنَاهُ: مشرق الصَّيف، ومشرق الشتَاء. وَالَّذِي قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿رب الْمشرق وَالْمغْرب﴾ هُوَ مشرق كل يَوْم فِي الصَّيف والشتاء. وَيُقَال: المشرقان: الشَّمْس وَالْفَجْر، والمغربان: الشَّمْس والشفق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ﴾ أَي: خلاهما وأرسلهما، قَالَه الْفراء والزجاج وَغَيرهمَا، وَعَن بَعضهم: مرج الْبَحْرين أَي: لَاقَى بَينهمَا.
وَقَوله: ﴿الْبَحْرين﴾ فِيهِ أَقْوَال: قَالَ مُجَاهِد: بَحر السَّمَاء وَالْأَرْض. وَقَالَ الْحسن: بَحر فَارس وَالروم. وَيُقَال: بَحر الْمشرق وَالْمغْرب. وَيُقَال: بَحر الْملح والعذب.
وَقَوله: ﴿يَلْتَقِيَانِ﴾ أَي: يلقِي أَحدهمَا صَاحبه.
وَقَوله: ﴿بَينهمَا برزخ لَا يبغيان﴾ أى حاجزه وَقَوله: لَا يبغيان أَي: لَا يخلتط أَحدهمَا بِالْآخرِ، لَا يخْتَلط الْملح بالعذب [فيفسده]، وَلَا العذب بالملح فيختلج. وَيُقَال: الحاجز حاجز من الْقُدْرَة.
وَالْآيَة وَردت فِي مَوضِع مَخْصُوص من بَحر فَارس وَالروم. وَقيل: فِي مَوضِع مَخْصُوص من العذب وَالْملح. والعذب هُوَ النّيل، وَالْملح هُوَ بَحر الرّوم، يَلْتَقِيَانِ وَلَا يختلطان.


الصفحة التالية
Icon