﴿يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان (٢٢) فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٣) وَله الْجوَار الْمُنْشَآت فِي الْبَحْر كالأعلام (٢٤) فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٥) ﴾
وَقَالَ بَعضهم: الحاجز هُوَ الأَرْض من بَحر السَّمَاء وبحر الأَرْض. وَعَن بَعضهم: أَن الحاجز هُوَ جَزِيرَة الْعَرَب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان﴾ وَقُرِئَ: " يخرج " و " يخرج " أَي: يخرج الله. وَأما اللُّؤْلُؤ، فَهُوَ الْحبّ الْمَعْرُوف مِنْهُ الصغار والكبار، وَأما المرجان، قَالَ ابْن مَسْعُود: هُوَ خرز أَحْمَر. وَيُقَال: إِنَّه [البسد] جَوْهَر مَعْرُوف. وَقَالَ قَتَادَة وَغَيره: المرجان كبار اللُّؤْلُؤ، واللؤلؤ صغاره، وَقيل على الْعَكْس: المرجان صغَار اللُّؤْلُؤ، واللؤلؤ كباره. فَإِن قيل: قد قَالَ: ﴿يخرج مِنْهُمَا﴾ وَأجْمع أهل الْعلم بِهَذَا الشَّأْن أَنه يخرج من الْملح دون العذب. وَالْجَوَاب: أَنه ذكرهمَا وَالْمرَاد أَحدهمَا، كَمَا تَقول الْعَرَب: أكلت خبْزًا ولبنا، وَإِنَّمَا الْأكل فِي أَحدهمَا دون الآخر. قَالَ الزّجاج: لما ذكر الْبَحْرين ثمَّ ذكر اللُّؤْلُؤ والمرجان، وَهُوَ يخرج من أَحدهمَا، صحب الْإِضَافَة إِلَيْهِمَا على لِسَان الْعَرَب. وَذكر الْقفال الشَّاشِي فِي تَفْسِيره: أَن اللُّؤْلُؤ والمرجان لَا يكون إِلَّا فِي ملتقى الْبَحْرين فِي أول مَا يخلق، ثمَّ حِينَئِذٍ مَوضِع الأصداف هُوَ الْبَحْر الْملح دون العذب، فصح قَوْله: ﴿يخرج مِنْهُمَا﴾ لِأَنَّهُمَا فِي ابْتِدَاء عِنْد ملتقى الْبَحْرين، وَهَذَا قَول حسن إِن كَانَ كَذَلِك. وروى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: أَن السَّمَاء إِذا أمْطرت ارْتَفَعت الأصداف إِلَى وَجه الْبَحْر وَفتحت أفواهها، فَمَا وَقع من قطر السَّمَاء فِي أفواها يكون الدّرّ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَله الْجوَار الْمُنْشَآت﴾ وَقُرِئَ بِكَسْر الشين، وَالْأول أشهر؛ فَمَعْنَى الْكَلِمَة على الْفَتْح أَي: المرفوعات الشَّرْع، وَيُقَال: الْمَخْلُوقَات. وَمعنى الْكَلِمَة بِالْكَسْرِ أَي: المقيلات، وَيُقَال: المبتدئات فِي السّير، فعلى هَذَا الْمَعْنى إِذا قرئَ بِالْفَتْح فَمَعْنَاه: أبتدئ بِهن فِي السّير، ذكره الْأَزْهَرِي. والجواري: هِيَ السفن.
وَقَوله: ﴿فِي الْبَحْر كالأعلام﴾ أَي: الْجبَال، قَالَ الشَّاعِر:


الصفحة التالية
Icon