﴿جنَّات النَّعيم (١٢) ثلة من الْأَوَّلين (١٣) وَقَلِيل من الآخرين (١٤) ﴾ الظَّالِمُونَ لأَنْفُسِهِمْ، وَأَصْحَاب الميمنة هم المقتصدون، وَالسَّابِقُونَ هم السَّابِقُونَ بالخيرات. وَالْقَوْل الأول هُوَ الْأَصَح، وَأَن أَصْحَاب المشأمة هم الْكفَّار؛ وَلِأَن الله تَعَالَى قَالَ بعده: ﴿وَأَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب الشمَال فِي سموم وحميم﴾ ووصفهم بالْكفْر على مَا سَيَأْتِي.
وَقَوله: ﴿فِي جنَّات النَّعيم﴾ ذكر النقاش فِي تَفْسِيره عَن النَّبِي فِي وصف جنَّة النَّعيم: " أَن لبنة مِنْهَا فضَّة، ولبنة ذهب، وطينها الْمسك، وترابها الزَّعْفَرَان، وحصباءها الدّرّ والياقوت ".
قَوْله: ﴿ثلة من الْأَوَّلين﴾ أَي: جمَاعَة من الْأَوَّلين، وَلَفظ الثلَّة مَأْخُوذ من الثل وَهُوَ الْقطع.
وَقَوله: ﴿وَقَلِيل من الآخرين﴾ اخْتلف أهل التَّفْسِير فِيهِ على الْقَوْلَيْنِ: أَحدهمَا: أَن المُرَاد من الْأَوَّلين هم أَتبَاع الْأَنْبِيَاء الْمُتَقَدِّمين قبل نَبينَا مُحَمَّد.
وَقَوله: ﴿وَقَلِيل من الآخرين﴾ هم من أمة مُحَمَّد.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُمَا جَمِيعًا من هَذِه الْأمة، وَقد رُوِيَ هَذَا فِي خبر مَرْفُوع، وَهُوَ قَول الْحسن وَابْن سِيرِين. فَإِن قيل على القَوْل الأول: كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا، وَأَتْبَاع الرَّسُول من الْمُؤمنِينَ أَكثر من أَتبَاع الْأَنْبِيَاء؟ وَالْجَوَاب: أَن المُرَاد من الْأَوَّلين هُوَ من رأى جمع الْأَنْبِيَاء وآمن بهم، وَمن الآخرين من رأى مُحَمَّدًا وآمن بِهِ، وعَلى الْقطع


الصفحة التالية
Icon