((٢٩} وظل مَمْدُود (٣٠) وَمَاء مسكوب (٣١) وَفَاكِهَة كَثِيرَة (٣٢) لَا مَقْطُوعَة وَلَا) فِي مَوضِع آخر: ﴿لَهَا طلع نضيد﴾ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَابْن عَبَّاس وَالْحسن وَغَيرهم: هُوَ الموز.
قَوْله: ﴿منضود﴾ أَي: متراكم بعضه على بعض، وَذكر النّحاس أَن الْعَرَب تَقول: عَسى يَا فلَان تطلح، أَي: بِنِعْمَة، قَالَ الشَّاعِر:

(كم رَأينَا من أنَاس هَلَكُوا ورأينا الْمَرْء عمرا بطلح)
أَي: بِنِعْمَة. وَيُقَال: إِن الطلح هَاهُنَا هُوَ شجر العضاه، وَهُوَ أَكثر شجر الْعَرَب، وَله منظر حسن. وَرُوِيَ أَن أَصْحَاب رَسُول الله وَرَضي الله عَنْهُم لما ذَهَبُوا إِلَى الطَّائِف أعجبهم طلح وَج، فَذكر الله تَعَالَى أَن لَهُم فِي الْجنَّة طلحا. فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يكون لَهُم فِي الْجنَّة شَجَرَة شوك؟ : قُلْنَا: لَا يكون ثمَّ شوك، إِلَّا أَنه شجر يشبه الطلح فِي الْكبر وَحسن المنظر، وَيجوز أَن يكون فِي الْجنَّة شَجرا؛ لأكل الثَّمر مِنْهُ، وَشَجر يحسن النّظر إِلَيْهِ، وَالأَصَح أَنه الموز.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿منضود﴾ قَالُوا مَعْنَاهُ: أَن ثمره وورقه من أَوله إِلَى آخِره لَيست لَهَا سَاق بارزة.
وَقَوله: ﴿وظل مَمْدُود﴾ قَالَ الْحسن: لَا يَنْقَطِع. وَعَن يحيى بن أبي كثير: أَن سَاعَات الْجنَّة تشبه الْغَدَاة الْبَارِدَة فِي الصَّيف. وَيُقَال: إِنَّهَا مثل سَجْسَج لَيْسَ فِيهِ حر وَلَا برد. وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: " إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهُ، واقرءوا إِن شِئْتُم: ﴿وظل مَمْدُود﴾ ".
وَقَوله: ﴿وَمَاء مسكوب﴾ أَي: مصبوب، وَمَعْنَاهُ: أَنه ينصب إِلَيْهِم من الْعُلُوّ. قَالَ الْحسن: مسكوب أَي: جَار لَا يَنْقَطِع أبدا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَفَاكِهَة كَثِيرَة لَا مَقْطُوعَة وَلَا مَمْنُوعَة﴾ قَالَ الزّجاج: لَا مَقْطُوعَة


الصفحة التالية
Icon