﴿وَمَا نَحن بمسبوقين (٦٠) على أَن نبدل أمثالكم وننشئكم فِي مَا لَا تعلمُونَ (٦١) وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى فلولا تذكرُونَ (٦٢) أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أأنتم تزرعونه أم نَحن الزارعون (٦٤) لَو نشَاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون (٦٥) إِنَّا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿نَحن قَدرنَا بَيْنكُم الْمَوْت﴾ يَعْنِي: إِنَّا نميتكم أَي: لَو كُنَّا نعجز عَن إحيائكم بعد الْمَوْت لعجزنا عَن إماتتكم بِإِخْرَاج أَنفسكُم.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَمَا نَحن بمسبوقين﴾ أَي: بمغلوبين. قَالَ الْفراء مَعْنَاهُ: إِذا أردنَا أَن نعيدكم لم يسبقنا سَابق، وَلم يفتنا شَيْء. وَيُقَال: لَو أَرَادَ غَيرنَا أَن يفعل مثل فعلنَا لعجز عَنهُ، تَقول الْعَرَب: مَا أسبق فِي هَذَا الْفِعْل أَي: لَا يفعل مثل فعلي أحد.
وَقَوله: ﴿على أَن نبدل أمثالكم﴾ أَي: لَو شِئْنَا أَن نميتكم ونخلق أمثالكم لقدرنا عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿وننشئكم فِيمَا لَا تعلمُونَ﴾ من الْهَيْئَة وَالصُّورَة أَي: لَو شِئْنَا فعلنَا ذَلِك. وَيُقَال: أَن نجعلكم فِي صُورَة القردة والحنازير. وَيُقَال: ننشئكم من مَكَان لَا تعلمُونَ أَي: فِي عَالم لَا تعلمونه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى﴾ أَي: الْخلق الأول، اسْتدلَّ عَلَيْهِم بالنشأة الأولى على النشأة الثَّانِيَة.
وَقَوله تَعَالَى ﴿فلولا تذكرُونَ﴾ أى: هلا تتعظون وتعتبرون.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ أأنتم تزرعونه أم نَحن الزارعون﴾ أَي: تنبتونه. يُقَال للْوَلَد: زرعه الله أَي: أَنْبَتَهُ الله.
قَوْله: ﴿أم نَحن الزارعون﴾ أَي: نَحن المنبتون.
وَقَوله: ﴿لَو نشَاء لجعلناه حطاما﴾ أَي: يَابسا يتفتت وينكسر لَا شَيْء فِيهِ.
وَقَوله: ﴿فظلتم تفكهون﴾ أَي: تتعجبون. وَيُقَال: تَنْدمُونَ وتتحسرون.