﴿فسبح باسم رَبك الْعَظِيم (٧٤) فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم (٧٥) ﴾ الْبرد، والاستضاءة بِاللَّيْلِ، وَفِي إيقاد النَّار رد السبَاع، وَمَنْفَعَة الاستضاءة الاهتداء عِنْد ضلال الطَّرِيق.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: ومتاعا للمقوين أَي: مَنْفَعَة لكل من لَيْسَ لَهُ (زَاد) وَلَا مَال.
وَيُقَال: أقوى الْمَكَان إِذا خلا عَن الشَّيْء. وَأنكر القتيبي وَغَيره هَذَا القَوْل، وَقَالُوا: مَنْفَعَة الْغَنِيّ بالنَّار أَكثر من مَنْفَعَة الْفَقِير، وَالْعرب تَقول للْفَقِير مقوى، وللغني مقوى؛ تَقول للْفَقِير مقوى؛ لنفاد مَا مَعَه وخلوه عَنهُ، وللغني مقوى لقُوته وَقدرته على مَا لَا يقدر عَلَيْهِ الْفَقِير، فعلى هَذَا معنى الْآيَة: أَن النَّار مَنْفَعَة لجَمِيع النَّاس من الْفُقَرَاء والأغنياء والمقيمين والمسافرين.
وَقَوله: ﴿فسبح باسم رَبك الْعَظِيم﴾ لما ذكر الله الدَّلَائِل على الْكفَّار فِي هَذِه الْآيَة الْمُتَقَدّمَة، وَوجه الدَّلِيل فِيهَا أَنهم كَانُوا مقرين أَن فَاعل هَذِه الْأَشْيَاء هُوَ الله، وَأَنَّهُمْ عاجزون عَنْهَا، وَيُنْكِرُونَ الْبَعْث والنشأة الْآخِرَة؛ فَقَالَ الله تَعَالَى لَهُم: لما لم تنكروا قدرَة الله تَعَالَى على هَذِه الْأَشْيَاء وَمَا فِيهَا من عَجِيب الصنع، فَكيف تنكرون قدرته على بعثكم وإحيائكم بعد موتكم؟ فَلَمَّا ألزمهم الدَّلِيل قَالَ لنَبيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: ﴿فسبح باسم رَبك الْعَظِيم﴾ كَأَنَّهُ أرشده إِلَى الِاشْتِغَال بتنزيه الرب وتسبيحه وتقديسه حِين لزم الْكفَّار الْحجَّة، وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: " أفضل الْكَلَام سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم﴾ أَي: أقسم، و " لَا " صلَة. وَقيل: إِن معنى " لَا " أَي: لَيْسَ الْأَمر كَمَا قَالُوا من أَن الْقُرْآن شعر وسحر وكهانة، بل أقسم بمواقع النُّجُوم. وَعَن ابْن عَبَّاس: أَن معنى مواقع النُّجُوم أَي: مساقط النُّجُوم. وَيُقَال: مساقطها ومطالعها أقسم بهَا لما علق بهَا من مصَالح الْعباد. وَعَن ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أُخْرَى وَهُوَ قَول جمَاعَة كَثِيرَة من التَّابِعين (مِنْهُم) : الْحسن، وَقَتَادَة، وَعِكْرِمَة،


الصفحة التالية
Icon