﴿وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم (٧٦) إِنَّه لقرآن كريم (٧٧) فِي كتاب مَكْنُون (٧٨) لَا﴾ وَغَيرهم أَن مواقع النُّجُوم هَاهُنَا نُجُوم الْقُرْآن، وَمعنى المواقع نُزُوله نجما نجما. وَفِي الْخَبَر: أَن الله تَعَالَى أنزل الْقُرْآن جملَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، ثمَّ أنزل نجما نجما فِي ثَلَاث وَعشْرين سنة إِلَى النَّبِي.
وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: وَهُوَ أَن المُرَاد من مواقع النُّجُوم انتثارها وتساقطها يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم﴾ قَالَ ذَلِك لَان قسم الله عَظِيم، وكل مَا أقسم بِهِ. وَيُقَال: إِن تَخْصِيصه هَذَا الْقسم بالعظم؛ لِأَنَّهُ أقسم بِالْقُرْآنِ على الْقُرْآن؛ قَالَه الْقفال الشَّاشِي.
وَقَوله: ﴿إِنَّه لقرآن كريم﴾ هُوَ مَوضِع الْقسم، وَهُوَ الْمقسم [عَلَيْهِ].
وَقَوله: ﴿كريم﴾ أَي: كثير الْخَيْر وَالْبركَة. تَقول الْعَرَب: هَذِه النَّاقة كَرِيمَة، وَهَذِه النَّخْلَة كَرِيمَة، إِذا كثرت فوائدها ومنافعها.
قَوْله: ﴿فِي كتاب مَكْنُون﴾ أَي: مصون، وَقد فسر باللوح الْمَحْفُوظ، وَفسّر أَيْضا بِكِتَاب فِي السَّمَاء عِنْد الْمَلَائِكَة فِيهِ الْقُرْآن.
وَقَوله: ﴿لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ﴾ أَكثر الْمُفَسّرين على أَن المُرَاد بِهِ أَنه لَا يمس ذَلِك الْكتاب إِلَّا الْمَلَائِكَة الْمُطهرُونَ. قَالَ قَتَادَة: فَأَما الْمُصحف يمسهُ كل أحد، وَإِنَّمَا المُرَاد ذَلِك الْكتاب فِي السَّمَاء. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن المُرَاد بِهِ الْمُصحف، وَقَوله: ﴿لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ﴾ خبر بِمَعْنى النَّهْي أَي: لَا تمسوه إِلَّا على الطَّهَارَة. وَقد ورد أَن النَّبِي كتب فِي كتاب عَمْرو بن حزم " وَلَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر ". وَعَن عَلْقَمَة وَالْأسود