﴿ترجعونها إِن كُنْتُم صَادِقين (٨٧) فَأَما إِن كَانَ من المقربين (٨٨) فَروح وَرَيْحَان﴾
﴿ترجعونها إِن كُنْتُم صَادِقين﴾ ينبئهم بذلك على عجزهم. وَيُقَال: غير مدينين أَي: غير محاسبين ومجزيين.
وَالْقَوْل الأول هُوَ الْوَجْه فِي معنى الْآيَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَما إِن كَانَ من المقربين﴾ ذكر الله تَعَالَى فِي هَذِه الْآيَات حَال الْأَصْنَاف الثَّلَاثَة عِنْد الْمَوْت، وَهِي الْأَصْنَاف الَّتِي ذكرهم فِي أول السُّورَة، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَما إِن كَانَ من المقربين﴾ أَي: السَّابِقين إِلَى الْخيرَات، المبرزين فِي الطَّاعَات.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَروح﴾ قِرَاءَة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " فَروح " وَاخْتَارَهُ يَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ، وَالْأَشْهر: " فَروح " بِفَتْح الرَّاء، وَمَعْنَاهُ: الرَّحْمَة. وَيُقَال: [الرّوح] الاسْتِرَاحَة، وَمن قَرَأَ بِضَم الرَّاء فَهُوَ بِمَعْنى الْحَيَاة الدائمة الَّتِي لَا فنَاء بعْدهَا. وَفِي الْخَبَر: " أَنه إِذا وضع الْمُؤمن فِي قَبره، وَأجَاب بِجَوَاب الْحق يُقَال لَهُ: نم نومَة الْعَرُوس لَا هم وَلَا بؤس " وَفِي خبر آخر " يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة وَيُقَال لَهُ هَذَا موضعك ".
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَرَيْحَان﴾ أَي: رزق، وَهُوَ الرزق الَّذِي يدر عَلَيْهِ من الْجنَّة فِي الْقَبْر. وَقد بَينا من قبل الريحان بِمَعْنى الرزق فِي شعر الْعَرَب:
(سَلام الْإِلَه وريحانه | وَرَحمته وسماء دُرَر) |
وَقَوله: ﴿وجنة نعيم﴾ هِيَ الْجنَّة الموعودة. قَالَ أهل التَّفْسِير: الرّوح وَالريحَان فِي الْقَبْر، وجنة نعيم يَوْم الْقِيَامَة. وَيُقَال: الرّوح عِنْد الْمَوْت، وَالريحَان فِي الْقَبْر، وجنة نعيم فِي الْقِيَامَة عِنْد الْبَعْث. وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: " من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه، وَقيل: يَا رَسُول الله، لَكنا نكره الْمَوْت قَالَ: