﴿نوركم قيل ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا فَضرب بَينهم بسور لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهره من قبله الْعَذَاب (١٣) ينادونهم ألم نَكُنْ مَعكُمْ قَالُوا بلَى وَلَكِنَّكُمْ فتنتم أَنفسكُم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الْأَمَانِي حَتَّى جَاءَ أَمر الله وغركم بِاللَّه الْغرُور﴾
وَقَوله: ﴿نقتبس من نوركم﴾ فِي الْأَخْبَار: أَن النَّاس يحشرون والمنافقون مختلطون بِالْمُؤْمِنِينَ، ثمَّ إِن الله تَعَالَى يُرْسل نورا للْمُؤْمِنين فيمشون فِي نورهم، فيتبعهم المُنَافِقُونَ وَيَقُولُونَ: انظرونا نقتبس من نوركم، وَكَانُوا قد بقوا فِي الظلمَة، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: أَن النَّاس يحشرون فيغشاهم أَمر من أَمر الله، فيبيض وُجُوه الْمُؤمنِينَ، ويسود وُجُوه الْكفَّار، ثمَّ يَغْشَاهُم أَمر آخر، فَيقسم بَين الْمُؤمنِينَ النُّور على قدر أَعْمَالهم، وَيبقى الْكفَّار والمنافقون فِي الظلمَة، فَيَقُولُونَ للْمُؤْمِنين: " انظرونا نقتبس من نوركم ".
وَقَوله: ﴿نقتبس﴾ أَي: نَأْخُذ شَيْئا من نوركم.
وَقَوله: ﴿قيل ارْجعُوا وراءكم﴾ أَي: إِلَى الْموضع الَّذِي قسم فِيهِ النُّور.
وَقَوله: ﴿فالتمسوا نورا﴾ أَي: اطْلُبُوا نورا ثمَّ، فيرجعون فَلَا يَجدونَ شَيْئا. وَقَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ: فَارْجِعُوا إِلَى الدُّنْيَا، واطلبوا النُّور بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة، وَهَذَا على التعيير والتبكيت، وَهُوَ قَول غَرِيب، وَالْمَعْرُوف هُوَ الأول.
وَقَوله: ﴿فَضرب بَينهم بسور لَهُ بَاب﴾ فِي التَّفْسِير: أَنهم إِذا رجعُوا إِلَى ذَلِك الْموضع وَلم يَجدوا النُّور، عَادوا ليتبعوا نور الْمُؤمنِينَ، فيغشاهم عَذَاب من عَذَاب الله، وَيضْرب بَينهم وَبَين الْمُؤمنِينَ بسور، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿فَضرب بَينهم بسور لَهُ بَاب﴾ وَقيل: هُوَ الْأَعْرَاف الَّذِي [ذكر] فِي سُورَة الْأَعْرَاف. وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن السُّور حَائِط مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس الشَّرْقِي مِنْهُ، فَالَّذِي يَلِي الْمَسْجِد هُوَ الَّذِي قَالَ: ﴿بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة﴾ وَالَّذِي يَلِي وَادي جَهَنَّم هُوَ الَّذِي قَالَ: ﴿وَظَاهره من قبله الْعَذَاب﴾ وَثمّ وَاد يُقَال لَهُ: وَادي جَهَنَّم، وَهُوَ مَعْرُوف.


الصفحة التالية
Icon