﴿لَهُم أجرهم ونورهم وَالَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم (١٩) اعلموا أَنما الْحَيَاة الدُّنْيَا لعب وَلَهو وزينة وتفاخر بَيْنكُم وتكاثر فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد كَمثل غيث أعجب الْكفَّار نَبَاته ثمَّ يهيج فتراه مصفرا ثمَّ يكون حطاما وَفِي الْآخِرَة﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون﴾ الصّديق هُوَ كثير الصدْق، كالسكيت كثير السُّكُوت.
وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كلكُمْ صديق وشهيد. فَقيل لَهُ: كَيفَ يَا أيا هُرَيْرَة؟ فَقَرَأَ قَوْله فِي هَذِه الْآيَة. وَاخْتلف القَوْل فِي قَوْله: ﴿وَالشُّهَدَاء﴾ فأحد الْأَقْوَال: أَنهم الشُّهَدَاء المعروفون، وهم الَّذين اسْتشْهدُوا فِي سَبِيل الله.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنهم النَّبِيُّونَ، ذكره الْفراء.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنهم جَمِيع الْمُؤمنِينَ. فعلى هَذَا يكون الشُّهَدَاء مَعْطُوفًا على قَوْله: ﴿أُولَئِكَ هم الصديقون﴾ وعَلى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلين تمّ الْوَقْف وَالْكَلَام على قَوْله: ﴿أُولَئِكَ هم الصديقون﴾، وَقَوله: ﴿وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم﴾ ابْتِدَاء كَلَام. وَفِي قَوْله: ﴿عِنْد رَبهم﴾ إِشَارَة إِلَى مَنْزِلَتهمْ ومكانتهم عِنْد الله.
وَقَوله: ﴿لَهُم أجرهم ونورهم﴾ أَي: ثوابهم وضياؤهم.
وَقَوله: ﴿وَالَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى، والجحيم مُعظم النَّار.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿اعلموا أَنما الْحَيَاة الدُّنْيَا لعب وَلَهو وزينة﴾ أَي: هِيَ مَا يلْعَب بِهِ ويلهي ويتزين بِهِ. وَالْمرَاد بِهِ: كل مَا أُرِيد بِهِ غير الله، أَو كل مَا شغل عَن الدّين. وَيُقَال: لعب وَلَهو: أكل وَشرب. وَيُقَال: اللّعب الْأَوْلَاد، وَاللَّهْو النِّسَاء.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وتفاخر بَيْنكُم﴾ أَي: تفاخر من بَعْضكُم على بعض.
وَقَوله: ﴿وتكاثر فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد﴾ أَي: تطاول بِكَثْرَة الْأَوْلَاد وَالْأَمْوَال. وَالْفرق بَين التفاخر وَالتَّكَاثُر: أَن التفاخر قد يكون مِمَّن لَهُ ولد وَمَال مَعَ من لَا ولد لَهُ


الصفحة التالية
Icon