﴿أجرهم وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ (٢٧) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ وَيغْفر لكم وَالله غَفُور رَحِيم (٢٨) لِئَلَّا﴾
وَقَوله: ﴿إِلَّا ابْتِغَاء رضوَان الله﴾ انتصب لمَحْذُوف، والمحذوف: مَا ابتدعوها إِلَّا ابْتِغَاء رضوَان الله.
وَقَوله: ﴿فَمَا رعوها حق رعايتها﴾ أَي: مَا قَامُوا كَمَا يجب الْقِيَامَة بهَا.
وَقَوله: ﴿فآتينا الَّذين آمنُوا مِنْهُم أجرهم﴾ أَي: ثوابهم، وهم الَّذين آمنُوا بِمُحَمد بعد أَن ترهبوا.
وَقَوله: ﴿وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ﴾ أَي: الَّذين بقوا على الْكفْر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته﴾ أَي: نَصِيبين. وَقيل: أَجْرَيْنِ من رَحمته. وَفِي التَّفْسِير: أَن سَبَب نزُول الْآيَة أَن الله تَعَالَى لما أنزل عَلَيْهِم قَوْله: ﴿وَإِذا يُتْلَى عَلَيْهِم قَالُوا آمنا بِهِ إِنَّه الْحق من رَبنَا﴾ إِلَى قَوْله: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ﴾ تفاخر الَّذين آمنُوا من أهل الْكتاب على سَائِر الْمُؤمنِينَ من الصَّحَابَة، وَقَالُوا: إِنَّكُم تؤتون أجوركم مرّة، وَنحن نؤتى مرَّتَيْنِ، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة بِشَارَة لسَائِر الْمُؤمنِينَ. وَقد ثَبت عَن النَّبِي بِرِوَايَة أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنه قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " ثَلَاثَة يُؤْتونَ أُجُورهم مرَّتَيْنِ: رجل آمن بِالْكتاب الأول ثمَّ آمن بِالْكتاب الثَّانِي، وَرجل اشْترى جَارِيَة فأدبها وَأحسن تأديبها ثمَّ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا، وَعبد أطَاع ربه ونصح لسَيِّده ". وَقيل: قَوْله: ﴿يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته﴾ وَهُوَ أجر السِّرّ وَأجر الْعَلَانِيَة. وَقيل: أجر أَدَاء حق الله تَعَالَى وَأَدَاء حق الْعباد.
وَقَوله: ﴿وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ﴾ هُوَ النُّور الَّذِي بَينا من قبل يضيئهم على الصِّرَاط. وَقيل: هُوَ نور الْإِسْلَام.
وَقَوله: ﴿تمشون بِهِ﴾ أَي: تسلكون طَرِيق الْإِسْلَام بنوره.