﴿أُولَئِكَ فِي الأذلين (٢٠) كتب الله لأغلبن أَنا ورسلي إِن الله قوي عَزِيز (٢١) لَا تَجِد قوما يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر يوادون من حاد الله وَرَسُوله وَلَو كَانُوا آبَاءَهُم أَو أَبْنَاءَهُم أَو إخْوَانهمْ أَو عشيرتهم أُولَئِكَ كتب فِي قُلُوبهم الْإِيمَان وأيدهم بِروح مِنْهُ﴾
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ فِي الأذلين﴾ أَي: الأقلين. وكل كَافِر ذليل، وكل مُؤمن عَزِيز. وَمَعْنَاهُ: هم أقل دَرَجَة ورتبة.
وَقَوله: ﴿كتب الله لأغلبن أَنا ورسلي﴾ أما غَلَبَة الله مَعْلُومَة؛ لِأَن كل الْأَشْيَاء على مُرَاده ومشيئته، أما غَلَبَة رسله فَهِيَ بالنصر تَارَة وبالحجة أُخْرَى.
وَقَوله: ﴿إِن الله قوي عَزِيز﴾ أَي: قوي فِي الْأُمُور، غَالب عَلَيْهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تَجِد قوما يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر يوادون من حاد الله وَرَسُوله﴾ أَي: لَا يكون من صفة الْمُؤمنِينَ أَن يوادوا من حاد الله وَرَسُوله ﴿وَلَو كَانُوا آبَاءَهُم أَو أَبْنَاءَهُم أَو إخْوَانهمْ أَو عشيرتهم﴾ فِي نزُول الْآيَة قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا نزلت فِي حَاطِب بن أبي بلتعة حِين كتب إِلَى مَكَّة يؤذنهم بغزو النَّبِي؛ وَسَتَأْتِي قصَّة ذَلِك فِي سُورَة الممتحنة. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْآيَة نزلت فِي غَيره.
وَقَوله: ﴿وَلَو كَانُوا آبَاءَهُم﴾ نزل فِي أبي عُبَيْدَة بن الْجراح، وَكَانَ قتل أَبَاهُ الْكَافِر وَجَاء بِرَأْسِهِ إِلَى النَّبِي. وَقد قيل: إِن أَبَاهُ مَاتَ قبل أَن يسلم أَبُو عُبَيْدَة، وَالله أعلم.
وَقَوله: ﴿أَو أَبْنَاءَهُم﴾ نزل فِي أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَرَادَ أَن يخرج إِلَى ابْنه عبد الرَّحْمَن فيبارزه، فَمَنعه النَّبِي عَن ذَلِك وَقَالَ: " نبله مِنْهُ غَيْرك ".
وَقَوله: ﴿أَو إخْوَانهمْ﴾ نزل فِي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قتل أَخَاهُ هِشَام بن الْعَاصِ يَوْم بدر، وَكَانَ أَخَاهُ من أمه.
وَقَوله: ﴿أَو عشيرتهم﴾ نزل فِي حَمْزَة وَعلي وَعبيدَة بن الْحَارِث رَضِي الله عَنْهُم بارزوا مَعَ عتبَة وَشَيْبَة والوليد بن عتبَة، وَقد كَانُوا عشيرتهم وقرابتهم.


الصفحة التالية
Icon