﴿الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر مَا ظننتم أَن يخرجُوا وظنوا أَنهم مانعتهم حصونهم من الله فَأَتَاهُم الله من حَيْثُ لم يحتسبوا وَقذف فِي قُلُوبهم الرعب يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار (٢) وَلَوْلَا أَن﴾ أجلوا عَن بِلَادهمْ من الْيَهُود فَقَالَ: ﴿لأوّل الْحَشْر﴾ بِهَذَا الْمَعْنى. ثمَّ إِن عمر رَضِي الله عَنهُ أجلى بَاقِي الْيَهُود عَن جَزِيرَة الْعَرَب اسْتِدْلَالا بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " لَا يجْتَمع دينان فِي جَزِيرَة الْعَرَب " قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وجزيرة الْعَرَب من حفر أبي مُوسَى إِلَى أقْصَى حجر بِالْيمن طولا، وَمن رمل يبرين إِلَى مُنْقَطع السماوة عرضا. وَالْقَوْل الثَّانِي قَول مُجَاهِد وَغَيره.
وَقَوله: ﴿مَا ظننتم أَن يخرجُوا﴾ مَعْنَاهُ: مَا ظننتم أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ أَن يخرجُوا؛ لأَنهم كَانُوا أعز الْيَهُود بِأَرْض الْحجاز وأمنعهم جانبا.
قَوْله: ﴿وظنوا أَنهم مانعتهم حصونهم من الله﴾ أَي: من عَذَاب الله.
وَقَوله: ﴿فَأَتَاهُم الله من حَيْثُ لم يحتسبوا﴾ قَالَ السدى: هُوَ بقتل كَعْب بن الْأَشْرَف، قَتله مُحَمَّد بن مسلمة الْأنْصَارِيّ حِين بَعثه رَسُول الله وَكَانَ صديقا لكعب فِي الْجَاهِلِيَّة فَجَاءَهُ لَيْلًا ودق عَلَيْهِ بَاب الْحصن، فَنزل وفاغتاله وَقَتله، وَرُوِيَ أَن مُحَمَّد بن مسلمة قَالَ لكعب: أَلَسْت كنت تعدنا خُرُوج هَذَا النَّبِي؟ وَتقول: هُوَ الضحوك الْقِتَال يركب الْبَعِير، ويلبس الشملة، يجترئ بالكسرة، سَيْفه على عَاتِقه، لَهُ ملاحم وملاحم. فَقَالَ: نعم، وَلَكِن لَيْسَ هُوَ بِذَاكَ. فَقَالَ كذبت يَا عَدو الله، بل حسدتموه.
وَقَوله: ﴿وَقذف فِي قُلُوبهم الرعب﴾ أَي: الْخَوْف، وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: " نصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر ".
وَقَوله: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ وَقُرِئَ: " يخربون " من


الصفحة التالية
Icon