﴿ائتيا طَوْعًا أَو كرها قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين (١١) فقضاهن سبع سموات فِي يَوْمَيْنِ وَأوحى فِي﴾
﴿ائتيا﴾ أَي: كونا كَمَا قدرتكما طَوْعًا أَو كرها، وعَلى هَذَا يكون هَذَا القَوْل قبل الْخلق، وَالْقَوْل الثَّانِي هُوَ قَول الْأَكْثَرين أَن هَذَا القَوْل من الله تَعَالَى بعد أَن خلقهما، فعلى هَذَا معنى قَوْله: (ائتيا طَوْعًا أَو كرها) أَي: أعطيا الطَّاعَة فِيمَا خلقهما لَهُ جبرا واختيارا.
وَقَوله: ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين﴾ مِنْهُم من قَالَ: هَذَا كُله على طَرِيق الْمجَاز، وَلَيْسَ على طَرِيق الْحَقِيقَة، وَكَأن الله تَعَالَى لما أجْرى أَمرهمَا على مُرَاده وَتَقْدِيره جعل ذَلِك بِمَنْزِلَة قَول مِنْهُ وَإجَابَة مِنْهُمَا بالطواعية، وَالْعرب قد تذكر القَوْل فِي مثل هَذَا الْموضع، قَالَ الشَّاعِر:
(امْتَلَأَ الْحَوْض وَقَالَ قطني | مهلا رويدا قد مَلَأت بَطْني) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿فقضاهن سبع سموات﴾ أَي: خَلقهنَّ سبع سموات ﴿فِي يَوْمَيْنِ﴾ وَهُوَ يَوْم الْخَمِيس و [يَوْم] الْجُمُعَة. وَفِي بعض الْآثَار: " أَن الله تَعَالَى خلق الأَرْض يَوْم الْأَحَد والاثنين، وَخلق الْمَكْرُوه يَوْم الثُّلَاثَاء، وَخلق الأقوات وَالْأَشْجَار يَوْم الْأَرْبَعَاء، وَخلق السَّمَوَات يَوْم الْخَمِيس، وَخلق فِيهَا البروج وَالْكَوَاكِب وَالشَّمْس وَالْقَمَر يَوْم الْجُمُعَة، وَخلق آدم فِي آخر سَاعَة من يَوْم الْجُمُعَة على عجل "، وَقد حكيت اللَّفْظَة