﴿المفلحون (٩) وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا﴾ على النَّبِي قَالَ: " لقد عجب الله من صنيعتكم البارحة " فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَمن الْمَعْرُوف أَن النَّبِي قَالَ للْأَنْصَار: " إِنَّكُم لتكثرون عِنْد الْفَزع، وتقلون عِنْد الطمع ".
وَقَوله: ﴿وَمن يُوقَ شح نَفسه﴾ أَي: بخل نَفسه ﴿فَأُولَئِك هم المفلحون﴾ أَي: السُّعَدَاء الفائزون. وَعَن ابْن مَسْعُود أَن رجلا قَالَ لَهُ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيع أَن أعطي من مَالِي شَيْئا أفتخش الْبُخْل. قَالَ: ذَلِك الْبُخْل، وَبئسَ الشَّيْء الْبُخْل، وَإِنَّمَا الشُّح أَن تَأْخُذ المَال من غير حَقه. وَقيل: الْبُخْل أَن يبخل بِمَالِه نَفسه وَالشح أَن يبخل بِمَال غَيره وَقَالَ مقَاتل بن سُلَيْمَان وَمن يُوقَ شح نَفسه أَي: حرص نَفسه. وَقيل: هوى نَفسه. وَقَالَ سعيد بن جُبَير: هُوَ منع الزَّكَاة. وَعَن ابْن زيد: هُوَ أَن يَأْخُذ مَا لَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ، وَيمْنَع مَا لَا يجوز لَهُ مَنعه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ﴾ هم التابعون. وَقيل: الَّذين يُؤمنُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان وَلَا تجْعَل فِي قُلُوبنَا غلا للَّذين آمنُوا﴾ أَي: خِيَانَة وحقدا، وَفِي الْآيَة دَلِيل على أَن الترحم للسلف


الصفحة التالية
Icon