﴿الأدبار ثمَّ لَا ينْصرُونَ (١٢) لَأَنْتُم أَشد رهبة فِي صُدُورهمْ من الله ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يفقهُونَ (١٣) لَا يقاتلونكم جَمِيعًا إِلَّا فِي قرى مُحصنَة أَو من وَرَاء جدر بأسهم بَينهم شَدِيد تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يعْقلُونَ (١٤) كَمثل الَّذين من﴾
وَقَوله: ﴿وَلَئِن نصروهم﴾ أَي: مكرهين.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَن قَوْله: ﴿لَا ينصرونهم﴾ أَي: لَا يدومون على نَصرهم. وَقَوله: ﴿وَلَئِن نصروهم﴾ أَي: نصروهم فِي الِابْتِدَاء.
وَالْوَجْه الرَّابِع كَمَا قَالَه الزّجاج: هُوَ أَنهم لَا ينصرونهم على مَا قَالَ الله تَعَالَى، وَقَوله: ﴿وَلَئِن نصروهم﴾ أَي: قصدُوا نصرتهم، لولوا الأدبار أَي: انْهَزمُوا، وَذَلِكَ بِمَا يلقِي الله تَعَالَى فِي قُلُوبهم من الرعب.
وَقَوله: ﴿ثمَّ لَا ينْصرُونَ﴾ أَي: لَا ينصر الْيَهُود.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَأَنْتُم أَشد رهبة فِي صُدُورهمْ من الله﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: يَعْنِي: أَنْتُم [أَشد] رهبة فِي صُدُورهمْ من الله إِذْ يخَافُونَ مِنْكُم مَا لَا يخَافُونَ مِنْهُ.
وَقَوله: ﴿ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يفقهُونَ﴾ أَي: لَا يعلمُونَ عَظمَة الله وَقدرته فيخافون مِنْهُ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا يقاتلونكم جَمِيعًا إِلَّا فِي قرى مُحصنَة أَو من وَرَاء جدر﴾ يَعْنِي: أَنهم لَا يُمكنهُم أَن يصافوكم فِي الْقِتَال [ويواجهوكم] بِهِ، وَإِنَّمَا يقاتلونكم فِي الْحُصُون ووراء الْجدر لقتلهم وَدخُول الرعب عَلَيْهِم.
قَوْله: ﴿بأسهم بَينهم شَدِيد﴾ قَالَ مُجَاهِد: يَعْنِي أَنهم يَقُولُونَ فِيمَا بَينهم: لنفعلن كَذَا ولنفعلن كَذَا.
وَقَوله: ﴿تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى﴾ يَعْنِي: أَن الْمُنَافِقين قطّ لَا يخلصون للْيَهُود، وَلَا الْيَهُود لِلْمُنَافِقين.
وَقَوله: ﴿ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يعْقلُونَ﴾ أَي: لَا يتدبرون بعقولهم، فهم بِمَنْزِلَة من