﴿سُبْحَانَ الله عَمَّا يشركُونَ (٢٣) هُوَ الله الْخَالِق البارئ المصور لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى يسبح لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم (٢٤).﴾

(مليك على عرش السَّمَاء مهيمن [لعزته] تعنو الْوُجُوه وتسجد)
وَقَوله: ﴿الْجَبَّار﴾ أَي: جبر الْخلق على مُرَاده ومشيئته. وَقيل: الْجَبَّار أَي: الْعَظِيم. وَقيل: هُوَ الَّذِي يفوت عَن الأوهام والإدراك.
يُقَال: نَخْلَة جبارَة إِذا كَانَت طَوِيلَة لَا يُوصل إِلَيْهَا بِالْأَيْدِي.
قَوْله: ﴿المتكبر﴾ أَي: الْكَبِير. وَقيل: المتكبر هُوَ الَّذِي أَعلَى نَفسه وعظمها، وَهَذَا ممدوح فِي صِفَات الله، مَذْمُوم فِي صِفَات الْخلق؛ لِأَن الْخلق لَا يخلون عَن نقيصة، فَلَا يَلِيق بهم إعظامهم أنفسهم وإعلاؤهم إيَّاهُم، وَالله تَعَالَى لَا يجوز عَلَيْهِ نقص فَيصح مدحه لنَفسِهِ وإعظامه.
وَقيل: مدح نَفسه ليعلم خلقه مدحهم إِيَّاه ليثيبهم عَلَيْهِ، إِذْ لَا يجوز أَن يعود إِلَيْهِ ضرّ وَلَا نفع.
وَقَوله: ﴿سُبْحَانَ الله عَمَّا يشركُونَ﴾ قد بَينا فِي كثير من الْمَوَاضِع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الله الْخَالِق البارئ﴾ أَي: مُقَدّر الْأَشْيَاء ومخترعها.
وَقَوله: ﴿البارئ﴾ قيل: هُوَ فِي معنى الْخَالِق على طَرِيق التَّأْكِيد، وَقيل: إِن مَعْنَاهُ المحيي بعد الإماتة. قَالَ الشَّاعِر:
(وكل نفس على سلامتها يميتها الله ثمَّ يبرؤها)
ذكره أَبُو الْحسن بن فَارس.
وَقَوله: ﴿المصور﴾ هُوَ التَّصْوِير الْمَعْلُوم يصور كل خلق على مَا يَشَاء. وَقيل:


الصفحة التالية
Icon